لميا شديد- الوكالة الوطنية (4/4/2014)
نظم "لقاء الشباب البتروني" ندوة بعنوان "مذكّرة بكركي الوطنية ... أبعاد وآفاق" تحدث فيها الوزير السابق روجيه ديب وشارك فيها راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله ،في صالة رعية مار اسطفان البترون في حضور حشد من المثقفين ونخبة من رجال الفكر والعلم.
فرنسيس
بعد النشيد الوطني اللبناني وصلاة المجمع الابرشي، ألقى رئيس اللقاء الأستاذ ميشال فرنسيس كلمة ترحيب أشار فيها الى الهدف من الاضاءة على المذكرة « لأننا نؤمن بأن الكنيسة كانت في صلب السياسة اللبنانية منذ البدايات، وكان لها الدور الأبرز في نشأة لبنان الحديث، وهي لا تزال في صلب السياسة من منطلق أن السياسة تهدف، أصلا، الى الاهتمام بالانسان، وتسعى الى رقيّه وازدهاره، فرداً وجماعة، وتهدف الى تنظيم شؤون الوطن. وبما أن السياسة اليوم باتت بعيدة كل البعد عن هذه المفاهيم فقد بات لزاما على الكنيسة أن تكون المدافع الأول عن اللبناني كإنسان وكمواطن.» وأكد على الحاجة الملحة للتعمق بهذه المذكرة وفهم أبعادها وآفاقها.
خيرالله
ثم كانت كلمة تقديم للمطران خيرالله وقال فيها:
"يقدّم صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الراعي المذكّرة الوطنية التي أعلنها من بكركي في 5 شباط 2014 على أنها « إرادةُ الكنيسة المارونية أن تضع هذه المذكرة، ونظرها متجّه نحو سنة 2020، لتشدّد على استمرار فعل إيمانها بلبنان، بلداً مشدوداً إلى المستقبل، أُعطي لأبنائه وعداً ومهمّة، بما أنهم أرادوه وطن الإنسان ووطناً نهائياً لجميع أبنائه. وفي ما نقف على مسافة ست سنوات من الاحتفال بالمئوية الأولى على إعلان دولة لبنان الكبير في سنة 1920، نذكّر أن هذا الإعلان أنجزته جهود البطريرك الياس الحويك، الذي حمل إلى مؤتمر السلام في فرساي- فرنسا سنة 1919، أماني اللبنانيين المشتركة في تحقيق وطن يليق بالإنسان».
أضاف قائلا: "وكان البطريرك الحويك قد قدّم مذكّرة إلى هذا المؤتمر بتاريخ 25/10/1919، وتوجّه إلى رئيس وزراء فرنسا آنذاك جورج كليمنصو قائلاً:
« لا أتقدّم منكم كرئيسٍ ديني. فالوكالة التي أحملها تنبثق من الشعب اللبناني، من الطوائف المسيحية وغير المسيحية: الإسلامية والدرزية واليهودية. إسمحوا لي بأن ألفت انتباهكم إلى هذه الميزة (ميزة العيش معاً مسيحيين ومسلمين) التي تكشف عن تطوّرٍ عميق عظيم التبعات، وهي الأولى في الشرق، التي تُحِلُّ الوطنية السياسية محلّ الوطنية الدينية. وبحكم هذا الواقع ينعم لبنان بطابع خاص، بشخصية يحرص على الحفاظ عليها قبل كل شيء. إنه لا يستطيع، وفقاً لمصلحة الحضارة نفسها، أن يضحّي بها لأي اعتبار ماديّ الطابع».
هذا التطوّر الهام الذي يشدّد على الهوية الوطنية السياسية بدلاً من الهوية الوطنية الدينية، يجدر التوقف عنده كظاهرة تحوُّلٍ في التفكير السياسي للموارنة وللبنانيين.
وهذا ما يشدّد عليه غبطة البطريرك الراعي في المذكِّرة الوطنية، ويُظهر أن البطريركية المارونية لا تستطيع إلا أن تكون وفيّة للمسار التاريخي وللتطور السياسي والوطني الذي رسمه شعب لبنان وقادتُه، وعلى رأسهم البطاركة العظام."
وتابع قائلا :"إنه وعيُ الوجدان التاريخي الذي علينا أن نركّز عليه في المذكّرة وقبلها وبعدها، وفي تربيتنا لأجيالنا الطالعة، وفي فكرنا اللاهوتي حيث نفكر بلاهوت التاريخ بتكوينه بين الشعب والأرض. فكنيستنا المارونية هي متجذرة في أرض ولها دعوة خاصة ورسالة مميزة. هذه هي كنيستنا المارونية في مسارها التاريخي الذي انطلق ككنيسة بطريركية من لبنان. فالموارنة، عبر مسارهم التاريخي، بنوا الكيان والوطن، وكان لهم دور رائد على المستويات الروحية والإجتماعية والثقافية والسياسية. وهم يجددون اليوم التزامهم به وبإعادة بنائه في دعوته التاريخية مع إخوتهم اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، عبر وكالةٍ يجدّدونها للبطريرك الراعي، السابع والسبعين في سلسلة البطاركة العظام."
وختم قائلا باسم البترونيين: "إننا نتطلّع، مع الاحتفال بالمئوية الأولى على إعلان دولة لبنان الكبير سنة 2020، إلى إعلان البطريرك الياس الحويك طوباوياً في الكنيسة الجامعة. إن شاء الله."
ديب
ثم تحدث معالي الأستاذ روجيه ديب عن مراحل تحضير المذكرة ومضمونها وقال: "هي ثمرة جهد مشترك بين الاكليروس والعلمانيين؛ وتتكون من نصوص مرجعية كنسية ووثائق عديدة، من تجمعات وتيارات إسلامية ومسيحية. وقد شارك في إعدادها وتنقيحها والتعليق عليها حوالى 20 مسؤولا كنسياً وعلمانياً. وكان لغبطة البطريرك الراعي نفسه الدور الأساسي المباشر والمهم في تحديد الهدف منها ومحتوياتها والإشراف على كافة مراحلها. وقد بدأ التفكير بها منذ شهر آب 2012، واستغرق وضعها حوالى 7 أشهر. وقد جاءت هذه المذكرة في وقت يعيش لبنان أزمة كبرى بالاضافة الى القلق الذي يشعر به المواطنون وخوفهم على الدولة".
وتناول عودة الكنيسة الى هذا النوع من الوثائق وقال: "هذه العودة هي بحد ذاتها علامة بأن الشعب اللبناني والمسؤولين عنه لم ينجزوا بعد صناعة الدولة التي تليق بالمشروع اللبناني وان الدولة، باعتراف المسؤولين عنها، هي في حالة الوهن الشديد والكنيسة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه ذلك."
وقال : "هي موجهة للناس وللمسؤولين، أي القوى السياسية بعد أن كانت توجه المذكرات في السابق الى دول وحكام. والهدف المهم هو أسس ومندرجات بناء الدولة، وأولها تصرف السياسيين ضمن الدستور والميثاق وبعيداً عن حروب الآلهة. هذه المهمة امتشقتها الآن الكنيسة ولن تحيد عنها حتى قيام دولة قادرة ومنتجة وعادلة."
وعن توقيت إنجاز المذكرة قال ديب: "البطريرك الراعي يصرّ على المسيحيين أن يقولوا كلمتهم، لجمع اللبنانيين حول لبنان بعد أن انجرّ بعضهم، ومن كل الأطراف، في حروب خارج لبنان وعيونهم شاخصة الى مشاريع تتعدى الكيان. كذلك نحن على أبواب المئوية لإعلان دولة لبنان الكبير في سنة 1920 ، والوضع السياسي والمؤسساتي ينذر بالخطر الداهم. إنها صرخة حراس الكيان، فالصراع السني الشيعي هو مهدد للكيان والدولة، لذا هو مهدد للوجود المسيحي. وقد جاءت هذه المذكرة ونحن في عهدة رئيس جمهورية جديد". مضيفا "أن المذكرة جاءت بناء لطلب كثيف من جميع اللبنانيين لكي تقول بكركي كلمتها باسمهم جميعا."
وعرض لمضمون المذكرة مشيراً الى مرحلة تأسيسية ومراكمة عليها وقال: "استشهاد الرئيس رفيق الحريري مكون شراكة تأسيسية اكتملت "بلبنان أولا" وقبول الحياد أيضا. وإجبار إسرائيل على الخروج من لبنان سنة 2000 هي شراكة تأسيسية قيد الاستكمال حتماً عند الشريك الذي حملها عند اكتمال تجربته داخل وخارج لبنان."
وقال: "المذكرة تطلق إنذاراً واضحاً بأن على المشروع اللبناني أن يُترجم بدولة فاعلة وقادرة ومنتجة والا يصبح المشروع كله في خطر". مشيراً الى أن "مضمون المذكرة يذكّر بصفة المقاومة للكنيسة المارونية، بما فيها التضحيات، بالارواح وبالدم أحياناً، عبر التاريخ".
وتناول عدة نقاط، منها: التغيير والواقعية والتشديد على الميثاق والتصرف الميثاقي والخيارات. ثم تكلم عن تأثيرها "لجهة إعطاء الوحدة للجماعة المسيحية وإعطاء قوة الدفع للتعايش الاسلامي- المسيحي. فهي ساهمت في خلق الجو المؤاتي لتشكيل الحكومة في الأمس؛ وقد تساهم في خلق أجواء مؤاتية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؛ كما أن التلاقي الاسلامي- المسيحي يعطي المذكرة دفعاً دولياً لاعتبارها نص شبه إجماعي في لبنان مما يزيد حظوظ تنفيذها."
ودعا كل شخص لاعتبار نفسه معنياً بهدف المذكرة عارضاً لمجموعة أفكار تساعد على تنفيذها.
وختم مشيراً الى الحاجة للبحث الدائم عن تطوير النظام اللبناني وقال: "نحن نؤمن بالحق والدولة والقانون وبالقوة من خلال الدولة وليس من خلال الفرض والكبت. القوة موجودة من خلال الايمان ومن خلال إرادتنا لبناء دولة والوصول الى هذه النقطة. نحن نريد بناء قوة حقيقية تعطينا دولة وجيشاً. والقوة من دون قانون وديموقراطية هي تأجيل للمشكلة."
وبعد ذلك كان حوار بين الوزير ديب والحضور حول بعض النقاط المتعلقة بالمذكرة.
في تقديم ندوة « لقاء الشباب البترون» المذكّرة الوطنية الصادرة عن بكركي الجمعة 4/4/2014، صالة رعية مار اسطفان البترون يقدّم صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الراعي المذكّرة الوطنية التي أعلنها من بكركي في 5 شباط 2014 على أنها « إرادةُ الكنيسة المارونية أن تضع هذه المذكرة، ونظرها متجّه نحو سنة 2020، لتشدّد على استمرار فعل إيمانها بلبنان، بلداً مشدوداً إلى المستقبل، أُعطي لأبنائه وعداً ومهمّة، بما أنهم أرادوه وطن الإنسان ووطناً نهائياً لجميع أبنائه. وفي ما نقف على مسافة ست سنوات من الاحتفال بالمئوية الأولى على إعلان دولة لبنان الكبير في سنة 1920، نذكّر أن هذا الإعلان أنجزته جهود البطريرك الياس الحويك، الذي حمل إلى مؤتمر السلام في فرساي- فرنسا سنة 1919، أماني اللبنانيين المشتركة في تحقيق وطن يليق بالإنسان». وكان البطريرك الحويك قدّم مذكّرة إلى هذا المؤتمر بتاريخ 25/10/1919، وتوجّه إلى رئيس وزراء فرنسا آنذاك جورج كليمنصو قائلاً: « لا أتقدّم منكم كرئيسٍ ديني. فالوكالة التي أحملها تنبثق من الشعب اللبناني، من الطوائف المسيحية وغير المسيحية: الإسلامية والدرزية واليهودية. إسمحوا لي بأن ألفت انتباهكم إلى هذه الميزة (ميزة العيش معاً مسيحيين ومسلمين) التي تكشف عن تطوّرٍ عميق عظيم التبعات، وهي الأولى في الشرق، التي تُحِلُّ الوطنية السياسية محلّ الوطنية الدينية. وبحكم هذا الواقع ينعم لبنان بطابع خاص، بشخصية يحرص على الحفاظ عليها قبل كل شيء. إنه لا يستطيع، وفقاً لمصلحة الحضارة نفسها، أن يضحّي بها لأي اعتبار ماديّ الطابع». هذا التطوّر الهام الذي يشدّد على الهوية الوطنية السياسية بدلاً من الهوية الوطنية الدينية، يجدر التوقف عنده كظاهرة تحوُّلٍ في التفكير السياسي للموارنة وللبنانيين. وهذا ما يشدّد عليه غبطة البطريرك الراعي في المذكِّرة الوطنية، ويُظهر أن البطريركية المارونية لا تستطيع إلا أن تكون وفيّة للمسار التاريخي وللتطور السياسي والوطني الذي رسمه شعب لبنان وقادتُه، وعلى رأسهم البطاركة العظام. إنه وعيُ الوجدان التاريخي الذي علينا أن نركّز عليه في المذكّرة وقبلها وبعدها، وفي تربيتنا لأجيالنا الطالعة، وفي فكرنا اللاهوتي حيث نفكر بلاهوت التاريخ بتكوينه بين الشعب والأرض. فكنيستنا المارونية هي متجذرة في أرض ولها دعوة خاصة ورسالة مميزة. هذه هي كنيستنا المارونية في مسارها التاريخي الذي انطلق ككنيسة بطريركية من لبنان. فالموارنة، عبر مسارهم التاريخي، بنوا الكيان والوطن، وكان لهم دور رائد على المستويات الروحية والإجتماعية والثقافية والسياسية. وهم يجددون اليوم التزامهم به وبإعادة بنائه في دعوته التاريخية مع إخوتهم اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، عبر وكالةٍ يجدّدونها للبطريرك الراعي، السابع والسبعين في سلسلة البطاركة العظام. وفي ما أترك لمعالي الأستاذ روجيه ديب الكلام على مضمون المذكّرة، وهو أحد العاملين على صياغتها، أقول باسم البترونيين، إننا نتطلّع، مع الاحتفال بالمئوية الأولى على إعلان دولة لبنان الكبير سنة 2020، إلى إعلان البطريرك الياس الحويك طوباوياً في الكنيسة الجامعة. إن شاء الله.
كلمة المطران منير خيرالله