عظة المطران منير خيرالله
في قداس تسليم الخوري فرنسوا حرب رعية دوما
كنيسة سيدة النجاة دوما
الأحد 30 نيسان 2017
« لأن أعينهما حُجبت عن معرفته» (لوقا 24/16).
حضرة الأب جاك (نقولا) الحبيب،
حضرة الخوري فرنسوا (حرب)،
أحبائي جميعًا.
اليوم، الأحد الثالث من زمن القيامة وليلة اليوم الأول من شهر أيار الذي نكرّم فيه العذراء مريم والدة الإله، أردتُ أن أحتفل معكم بقداس شكر لله على نعمه ومواهبه المجانية لنا جميعًا وعلى حضور المسيح معنا حتى ولو كنا لا نشعر به في غالب الأحيان؛ قداس نشكر فيه الله على الأب جاك نقولا على خدمته لهذه الرعية وعلى جهوده وتضحياته الكبيرة طوال أربعة أشهر التي أعطى في خلالها من ذاته وأحبّكم جميعًا؛ تمامًا كما شكرنا الله في قداس 19 آذار عيد مار يوسف على الخوري بولس الرقيبي الذي خدمكم ستًّا وأربعين سنة.
أبونا جاك نشكرك على خدمتك، وأبناء الرعية سيذكرونك دومًا في صلواتهم. ونشكر جمعية المرسلين اللبنانيين التي انتدبتك للخدمة في أبرشية البترون وأنت رئيس دير سلطانة البحار في إده. وقد أدّيت في جمعيتك خدمات عديدة لكنيستنا في لبنان وخارج لبنان.
ثم نشكر الرب على الخوري فرنسوا حرب الذي أقدّمه إليكم اليوم خادمًا جديدًا لرعيتكم. الخوري فرنسوا، ابن تنورين، هو كاهن منذ أربع سنوات ومساعد للخوري بيار صعب في رعية البترون.
عرفتُ الخوري فرنسوا منذ أن كان شابًا؛ ثم رافقته طالبًا إكليريكيًا في أبرشيتنا لسنوات. وأعرف كم يحمل في قلبه من غَيْرةٍ على خدمة شعب الله ومن محبة وانفتاح على الجميع وقبول للتضحية وتقديم الجهود في سبيل الرسالة التي يدعوه إليها السيد المسيح. أتمنى أن تتعرفوا إليه يومًا بعد يوم وأن تحبوه كما أحببتم الأب جاك والخوري بولس. وهو منفتح عليكم جميعًا ليخدمكم بكل محبة.
الخوري فرنسوا، كما نحن وكما كل كاهن، أخذ كهنوته، كهنوت الخدمة، من السيد المسيح. ويسوع يطلب منا نحن الكهنة أن نؤدي خدمتنا بمحبة مجانية لشعب الله الذي نؤتمن عليه. كهنوتنا هو خدمة؛ خدمة في التعليم والتقديس والرعاية.
خدمتنا أولاً تقضي بأن ننقل كلمة الله ونعلّمها لشعبه بكل أمانة وغيرة.
خدمتنا ثانيًا تقضي بأن نقدس شعب الله بالأسرار التي نعيشها معًا كمؤمنين معمّدين وبأن نتقدّس معه. والمعمودية هي أول الأسرار تدخلنا في جماعة شعب الله، في الكنيسة. ثم الأسرار الأخرى وقمّتها الافخارستيا.
وخدمتنا ثالثًا هي في رعاية شعب الله وتدبير شؤونه. الكاهن يرعى شعب الله الذي يتسلّم خدمته من الكنيسة بواسطة الأسقف راعي الأبرشية.
الخوري فرنسوا مستعدّ كل الاستعداد لأن يؤدي هذه الخدمات التي نسلّمه إياها في رعية دوما. وستكون أولويات خدمته، التي هي من أولوياتي في خدمتي الأسقفية، العائلات والشبيبة.
سيبذل جهوده للاهتمام أولاً بالعائلات، ليرافقها في تربية الأولاد على القيم المسيحية والإنسانية، وليعتني بالعائلات المتعثرة ليسمع لها ويشجعها على عيش عهد الحب في سرّ الزواج بالرغم من كل الصعاب.
وسيهتم ثانيًا بالشباب والأولاد، بالفرسان والطلائع والأخوية، ويكون حاضرًا لأي خدمة في سبيل إنعاش الالتزام المسيحي في البيت وفي الرعية وفي المجتمع.
إنجيل اليوم، الذي يروي لنا فيه لوقا مسيرة تلميذي عماوس مع يسوع، يدعونا إلى أن نتشبّه بهما. في أجوائنا وظروفنا الحاضرة، لا زلنا نعيش في الخوف والحزن والكآبة واليأس. ونتساءل أين أنت يا يسوع ؟ ألا ترى أننا نعاني من الحروب والحقد والتطرف والاضطهاد ؟ إلى متى تتركنا نسير لوحدنا في مواجهة تحديات هذا العالم ؟ لماذا لم تُعْطِنا بعدُ السلام الذي وعدتَ به، سلام الله لا سلام البشر ؟
إننا لا نشعر بحضورك معنا، تمامًا كما الرسل والتلاميذ الذين بقوا غير مصدّقين حدث القيامة بالرغم من أن يسوع كان قد ظهر لهم وتكلّم معهم، وسار في الطريق مع تلميذي عماوس. ذلك لأن الخوف حجب رؤية يسوع عن أعينهم وعن معرفته. كانوا يعيشون في خوف وكآبة ويأس.
أما نحن اليوم، فهل نؤمن بحضور المسيح معنا حتى ولو كنا لا نراه بالجسد ؟ يسوع يسير معنا في حياتنا كل يوم، ويرافقنا ويعطينا العلامة لنعرفه كما عرفه تلميذا عماوس عندما أخذ الخبز وشكر وبارك وكسره وناولهما. عندها انفتحت أعينهما فعرفاه فغاب عنهما.
هذه العلامة هي اليوم الاحتفال بالافخارستيا التي تجمعنا في المحبة للمشاركة في سر الخلاص. فالمسيح حاضر معنا، حاضر في كنيسته وفي كهنته الذين سلّمهم متابعة رسالته الخلاصية. يسوع حاضر في الافخارستيا ليدعونا إلى تجديد إيماننا بالقيامة ورجائنا بمجد الملكوت وإلى أن نتقدس في حياتنا كل يوم. يسوع يدعوكم اليوم يا أبناء دوما، هذه البلدة المميزة بعيشها المسيحي المنفتح على التعدّدية، ويدعونا نحن أبناء البترون أرض القداسة والقديسين، إلى القداسة. ونتقدس إذا عشنا حضور يسوع الذي يسير معنا ويرافقنا في الطريق.
نقدّم قداسنا اليوم من أجل كنيستنا وكهنتنا، ومن أجل أبناء وبنات رعية سيدة النجاة في دوما كي يكونوا دومًا قلبًا واحدًا ويعلنون معًا إيمانهم وشهادتهم بأن المسيح قام حقًا قام وبأنه حاضر معنا إلى الأبد. آمين