الوكالة الوطنية- لميا شديد
قداس عيد مار مارون
كفرحي في 9/2/2018
احتفلت أبرشية البترون المارونية بعيد القديس مارون وعمت القداديس الكنائس والاديار والمزارات الدينية.
وفي الكرسي الاسقفي في دير مار يوحنا مارون في كفرحي ترأس النائب العام لأبرشية البترون المارونية المونسنيور بطرس خليل قداس العيد في كنيسة الدير عند هامة القديس مارون وعاونه في القداس القيم الابرشي الخوري بيار صعب والخوري اندراوس الطبشي في حضور النائب بطرس حرب، ممثل النائب أنطوان زهرا الدكتور سامي خضاع، مرشح حزب القوات اللبنانية الدكتور فادي سعد، القاضي رزقالله فريفر، رئيس رابطة مخاتير منطقة البترون جوزيف أبي فاضل، رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات وحشد من المؤمنين والزائرين.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس ألقى المونسنور خليل عظة قال فيها: "تحتفل الكنيسة المارونية في التاسع من شباط من كل سنة بعيد راعيها وشفيعها القديس مارون ومعنى اسمه السيد الصغير. ان القديس مارون راهب وناسك وكاهن، ولد في منتصف القرن الرابع في شمال شرق انطاكيا بالقرب من قورش، انه سرياني اللغة والعرق. قرر القديس مارون سنة 398 ان يترك الحياة العامة ويعتزل على قمة جبل من قمم "جبل سمعان" في شمالي غربي حلب على الحدود المتاخمة لأبرشية قورش حيث كرس هيكلا وثنيا مهجورًا وحوله إلى عبادة الله الحقيقية. الا انه لم يكن منقطعًا عن العالم طوال حياته، اذ سرعان ما انتشر صيته فتوافد اليه الناس من مختلف المناطق المجاورة للاستماع إلى عظاته وتعليمه والاطلاع على الاعاجيب التي كانت تحصل على يده. لقد تعامل القديس مارون مع النساك بوداعة، فكان يستمع إلى مشاكلهم ويحل قضاياهم كما كان يقدم لهم نصائح لمشاكلهم النفسية . وكان لطريقة مارون النسكية، طي صفحة عبادة الاوثان، مقصدًا لنساك تتلمذوا على طريقته. وإثر هذه الحياة الحافلة توفي مار مارون عام 410 م."
وأضاف: "لقد ظل تلاميذ مار مارون منتشرين في انحاء القورشية الواسعة وخارجها، حتى قام الامبراطور مرقيانوس البيزنطي تشييد دير عظيم البنيان في أفاميا، وهو الدير الذي سمي على اسم مارون فغدا اكبر الاديرة في جنوب سوريا. ينقل التقليد الماروني ان ذخائر مار مارون قد تم نقلها من براد إلى دير مار مارون المشيد في افاميا، ويذكر البطريرك الدويهي ان مار يوحنا مارون لدى انتقاله إلى لبنان بسبب الاضطهاد الذي الحقتها به الجيوش الرومانية الاسلامية، أخذ هامة القديس مارون معه وشيد لها ديرا وكنيسة في قرية كفرحي اسماها "ريش موران"اي رأس مارون ويصف الدويهي الهامة بانها مانحة للشفاء. بعد ان بشر تلامذة مارون اهل لبنان تركز كيان المارونية في لبنان فنشأت روحانية الموارنة في لبنان واصبحت تراثا روحيا يشد الموارنة إلى المسيح المتجسد من العذراء مريم والمائت والقائم من بين الاموات."
وتابع: "لقد ترك الموارنة سهول سوريا الخصبة واتوا إلى جبال لبنان الوعرة واخذوا منها مقرا حيث اصبح فيما بعد مركزا للكرسي البطريركي. فاصبحت الكنيسة المارونية اكليروسًا ورهبانًا وعلمانيين كأنها جماعة ديرية كبيرة تعيش إلى جانب الاديرة والكنائس. لذلك لقب الشعب الماروني "بالشعب الرهباني"يتمحور ويعيش حول الاديرة والكرسي البطريركي. فالكنيسة المارونية هي كنيسة متجذرة في التاريخ والتراث والارض. لقد عانت حقًا الكثير من الاضطهادات والآلام ولم تزل. هي كنيسة انطاكية النشأة وسريانية الطقس، وقبل كل شيء هي كنيسة القديسين والابرار والفلاحين والفلاسفة والعلماء والشهود والشهداء، وما ترسخت اساساتها الا على دم الشهداء الذين كانوا "بذار القديسين" وهذا الاستشهاد لم يزل حتى يومنا هذا."
واردف: "يقول المرحوم الدكتور شارل مالك :"مما لا جدل فيه انه لولا المارونية لما وجد لبنان" ويضيف مالك:"ان توانوا وقعنا جميعًا في الخيبة والحيرة والبلبلة وان حزموا امرهم اشتدت عزيمتنا وصرنا جميعا صفًا واحدًا متراصًا."
وقال: "لقد اخطأنا نحن الموارنة كثيرًا عندما تهنا عن اصالتنا المارونية فاصبحنا عرضة لأحقادنا وطموحاتنا وانانياتنا فتصرفنا خلافا لآبائنا واجدادنا الذين كتبوا بدم الشهادة فعل ايمانهم بالله وبالارض والانسان. اما ما يميزنا نحن الموارنة عن غيرنا فهو ايماننا بربنا وانتمائنا الحيوي إلى روحانية مؤسسنا القديس مارون التي استمدها من الجذور الانجيلية، وهي روحانية الصلبوت او الصليب ببعديه العامودي والافقي. العامودي هو الايمان بالرب الاله الفادي والمخلص يسوع المسيح المائت والقائم من بين الاموات وترجمة هذا الايمان بمحبة بعضنا البعض وهذا هو البعد الافقي. هذه الروحانية دفعت بآبائنا واجدادنا منذ مارون ليكونوا عبر التاريخ الطويل شهادة حية امام الجميع."
وختم داعيا "إلى سلوك طريق التوبة، طريق المصالحة مع الله ومع اخينا الانسان، هذه التوبة تجعلنا نعود إلى جذور روحانيتنا وإلى الانفتاح على الآخر دون التقوقع الانساني والجغرافي. كما اننا مدعوون ان نعيش ايماننا ونغذيه بصلاتنا ومحبتنا لبعضنا البعض متخلين عن طمعنا وأحقادنا وتشرذمنا وكبريائنا وانانيتنا فنكشف أصالة هويتنا الانجيلية والانسانية التي عاشها مار مارون وتلاميذه ونجهد ان نعيشها اليوم في مجتمعنا. ان حبة الحنطة ان لم تقع في الارض وتمت تبقى مفردة وان ماتت أتت بثمار كثيرة. آمين."
وبعد القداس تقبل المونسنيور خليل والحضور التهاني بالعيد في صالون الدير.