اعلان البطريرك الياس الحويك مكرمًا- بكركي 6-7-2019

 

عبر راعي أبرشية البترون المطران منير خيرالله وكهنة الأبرشية وأبناؤها عن فرحتهم لإعلان البطريرك الياس الحويك مكرمًا على طريق القداسة، مبدين افتخارهم بأن ينضم ابن الأبرشية البار، أبرشية القديسين، البطريرك الحويك إلى مصاف المكرمين.

وطلب المطران خيرالله من كهنة الأبرشية قرع الأجراس فورًا في رعايا الأبرشية كافة، ومن المؤمنين تلاوة الصلوات لشكر الرب على هذه النعمة وعلى فيض النعم حتى إعلان التطويب ثم التقديس.

 

كلمة المطران منير خيرالله

في المؤتمر الصحفي بعد إعلان البطريرك الياس الحويك مكرَّمًا

السبت 6/7/2019- بكركي

316 

تفتخر أبرشية البترون، كما تفتخر الكنيسة المارونية ويفتخر لبنان، بإعلان البطريرك الياس الحويك مكرَّمًا على طريق القداسة.

والبطريرك الحويك هو ابن أبرشية البترون، أبرشية القديسين التي تحتضن ذخيرة مار مارون في دير مار يوحنا مارون كفرحي، وضريح القديسة رفقا في جربتا، وضريحي القديس نعمة الله والأخ اسطفان في كفيفان.

إننا في أبرشية البترون نحظى بنعمة مميزة لأن الله أعطانا أن نعيش على أرض مقدسة وأن نكون جيران القديسين في كفيفان وجربتا وكفرحي والبترون وحردين وتنورين. فلأي من الناس أعطيت هذه النعمة أن يكون لهم في محيط بضعة كيلومترات مربعة أربعة ضرائح قديسين أصبحوا منارةً للكنيسة الجامعة وللعالم ومراكز حج ومزارات دينية عديدة ؟

هذا بفضل أديارنا وكنائسنا ورهباننا وراهباتنا وكهنتنا ونساكنا، وبفضل عائلات تقيّة تربّينا فيها على يد آباء وأمهات وأجداد ساروا أمامنا على درب القداسة وارتضوا كل التضحيات ليربّوا الأجيال الطالعة على القيم المسيحية والمارونية بنوع خاص، ويعطوا قديسين وقديسات.

يُزاد عليهم اليوم إسم المكرّم البطريرك الياس الحويك والمواقع الأربعة التي طبعت حياته في الأبرشية، حلتا وكفرحي وكفيفان وعبرين.

 

أولاً: حلتا

ولد البطريرك الياس الحويك في بلدة حلتا في 4 كانون الأول سنة 1843 في عائلة تقيّة من عائلاتنا البترونية. والده تادروس عبود الحويك، الذي رُسم كاهنًا في مدرسة مار يوحنا مارون كفرحي في 18/11/1850 على يد البطريرك يوسف راجي الخازن وأصبح الخوري بطرس وخدم ضيعته حتى وفاته. والدته غُرّة طنوس الحويك؛ وهي أمرأة فاضلة تقيّة صاحبة إيمان قوي؛ عُرفت بمحبتها وتقواها؛ وكان لها فضل على إيمان وتقوى ابنها الياس؛ وهو البكر لسبعة أولاد: الياس، سعدالله، لاوون، مباركة، نورا، مارينا ومحبوبة التي أصبحت في ما بعد الرئيسة العامة لراهبات دير مار يوحنا حراش في كسروان.

تربى في عائلة كهنوتية، فقيرة متواضعة، على الاتكال على الله وعلى قيم الاحترام والعدالة والتضامن والطيبة والحقيقة.

 

ثانيًا: كفرحي

بعد ان تعلّم مبادئ القراءة العربية والسريانية في مدرسة تحت السنديانة في حلتا (1848-1851)، انتقل الياس بتشجيع من والده الخوري بطرس إلى مدرسة مار يوحنا مارون في كفرحي التي كانت تأسست سنة 1812 على يد البطريرك يوحنا الحلو والمطران جرمانوس تابت، لتنشئة الكهنة. وكانت المدرسةَ الثانية في لبنان بعد مدرسة عين ورقة (سنة 1789). ولعبت دورًا ثقافيًا وكنسيًا ووطنيًا في القرن التاسع عشر وتعلّم فيها كثير من كبار رجال الكنيسة والوطن، أمثال البطريرك الياس الحويك والبطريرك أنطون عريضه.

لبّى دعوة الرب إلى الكهنوت واعتبرها نعمة يغدقها الله عليه.

سنة 1859، التقى الياس البطريرك بولس مسعد وهو في زيارة إلى مدرسة مار يوحنا مارون، فطلب منه أن يتابع دروسه الإكليريكية. فأرسله الأخير إلى الإكليريكية الشرقية في غزير التي كان أسسها الآباء اليسوعيون سنة 1843.

سنة 1866، أنهى دروسه في غزير وتميّز بتقواه وبتكريمه للعذراء مريم وبذكائه وتعطّشه إلى المعرفة. فطلب من البطريرك مسعد أن يتابع دروسه في روما. فأرسله إلى معهد البروبغندا - معهد انتشار الإيمان – ليدرس الفلسفة واللاهوت. وتميّز هناك بسلوكه المثالي وبتقواه العميقة، وبذكائه واتّزانه ومثابرته. نقرأ عنه في سجل البروبغندا أنه « حاز بذكائه المتّقد درجةً سامية في تحصيل العلوم، وكان قدوة في صبره وطاعته وتدقيقه في القانون... إنه فتىً وُلد للعظائم».

في 5 حزيران 1870، اقتبل سرّ الكهنوت في روما على يد المطران يوسف جعجع وكان والده قد توفي في نيسان 1869. وتزامن حدث رسامته الكهنوتية مع مباشرة أعمال المجمع الفاتيكاني الأول برئاسة البابا بيوس التاسع.

وفي 19 آب 1870، نال شهادة الملفنة في اللاهوت وعاد إلى لبنان.

فعيّنه البطريرك مسعد معلّمًا للاّهوت الأدبي في مدرسة مار يوحنا مارون كفرحي.

فأعطى أفضل ما عنده وأفضل ما هو عليه لتلاميذه. وكان أستاذًا ومربيًا وراعيًا صالحًا يترأس صلوات الفرض، يقضي ساعات طويلة في كرسي الاعتراف، يتقاسم الغداء إلى الطاولة نفسها مع التلاميذ، ويبقى في صحبتهم ساعات الفراغ زارعًا في قلوبهم الفرح والرجاء.

 

ثالثًا: كفيفان

بعد سنتين في كفرحي، عيّنه البطريرك مسعد في حزيران 1872 أمين سرّ البطريركية في بكركي ومحامي الوثاق في الديوان البطريركي.

وفي 14 كانون الأول 1889 رُقّي إلى الدرجة الأسقفية، ورسم مطرانًا على عرقا شرفًا ونائبًا بطريركيًا. وكان ذلك بعد أشهرٍ من وفاة المطران يوسف فريفر النائب البطريركي ورئيس مدرسة مار يوحنا مارون- كفرحي.

كان الخوري ثم المطران الياس الحويك يحلم بتأسيس جمعية رهبانية نسائية رسولية تساعد في إصلاح وتنمية المجتمع المهدّد بتيارات الفساد والجهل. وكان يرى أن « مستقبل المجتمع متوقف على تربية الفتاة وترقيتها». « فالفتاة هي أم المستقبل، وركيزة العائلة، وبالتالي ركن المجتمع بأسره». فرأى في العلم والتربية الوسيلةَ الفضلى لمواجهة الفساد، وعَزَمَ على توفير العلم للفتاة اللبنانية مع التربية المبنية على القيم الإنسانية والإجتماعية والإنجيلية.

سنة 1893، التقى الأم روزالي نصر، من جمعية راهبات الوردية، القادمة من القدس إلى كفيفان لتأسيس دير ورسالة مع رفيقة لها الأخت ستيفاني كردوش. فعرض عليها الحويك فكرته بتأسيس جمعية رهبانية. وبعد إنجاز الإجراءات القانونية أسس « جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات» وسلّم بيتًا في جبيل هو وقفية من السيدة أورسلا لحود إلى الأم روزالي نصر. وفي 15 آب 1895 احتفل المطران الحويك بقداس التأسيس في دير جبيل.

أما الإسم، فأراده الحويك حافزًا لكي تتمثل الراهبات بالعائلة المقدسة في الناصرة وتعيش فضائلها وتنشرها بين العائلات. وطلب أن تكون العائلة المقدسة مثالاً لكل العائلات اللبنانية لبناء مجتمع سليم ومقدس، يلتزم « المبادئ التي تعمّر البيوت، وتحفظ العيال، وتصون الهيئة الإجتماعية من الفساد».

 

رابعًا: عبرين

بعد أشهر قليلة قضتها الأم روزالي والأخت ستيفاني في دير التأسيس في جبيل، اشترى المطران الياس الحويك بيتًا في عبرين وطلب من الراهبات الانتقال إليه ليكون الدير الأم للجمعية، وذلك سنة 1896.

وراحت الجمعية تزدهر وتتوسع وتفتح المدارس في كل لبنان وتحقق حلمَ المؤسس ورسالتَه.

وقبيل وفاة البطريرك الحويك المؤسس في 24 كانون الأول 1931، كانت الجمعية قد انتشرت في عمشيت وجبيل وعبرين، ثم في قرطبا (1902)، البترون (1910)، صورات (1912)، بيروت- مدرسة سيدة لبنان (1923)، تنورين (1923)، انطلياس (1924)، حارة حريك (1924)، الديمان (1930)، حصرون (1930)، مزياره (1930)، شكا (1931)، دير الأحمر (1931)، دوما (1931).

 

توفي البطريرك المؤسس ودفن في بكركي. وفي 12 أيار 1936، نُقل جثمانه إلى الدير الأم في عبرين. وأصبح ضريحه مركز حجّ وصلاة ودعوة إلى الاتكال على العناية الإلهية.

 

خاتمة

استقبالاً لهذا الإعلان، طلبنا من كهنة الرعايا قرع الأجراس، ومن المؤمنين تلاوة الصلوات لشكر الرب على هذه النعمة وعلى فيض النعم حتى إعلان التطويب ثم التقديس.

ونحن في حالة شكر وتسبيح للرب منذ اختتام مجمعنا الأبرشي في 2 آذار 2019، عيد مار يوحنا مارون البطريرك الأول وشفيع الأبرشية، ليباركنا في مسيرة تطبيق توصيات المجمع بالعودة إلى الجذور الروحانية وتلبية الدعوة إلى القداسة.

Photo Gallery