عظة المطران خيرالله
في قداس أحد الشعانين والزيارة الراعوية لرعية إدّه
24 آذار 2013، في كنيسة مار سابا إده.
« مبارك الآتي باسم الرب لخلاصنا وتجديدنا» (يوحنا 12/13).
أخي المونسنيور سمير (الحايك) خادم هذه الرعية الحبيبة،
أحبائي جميعاً أبناء وبنات إدّه الحبيبة إلى قلبي،
الكبار والشباب والصبايا والأطفال الذين يعيّدون مع يسوع.
أبدأ أولاً بأن أطلب منكم المغفرة لأني تأخرت عليكم كثيراً في زيارتي الراعوية كمطران للأبرشية. ورعية إده هي بالنسبة إليّ بمثابة رعية مراح الزيات بلدتي. ولنا تاريخ جامع منذ طفولتي، إلى سنوات خدمتي الكهنوتية الأولى عندما كنت آتي إلى رعية إده لتنشيط العمل الرسولي مع الفرسان والطلائع والأخويات؛ وكانت إدّه مركز إشعاع روحي ورسولي في محيطها.
تأخرت عليكم لأني كنت أنوي أن آتيكم كما أتى يسوع إلى أورشليم وهتف له الأهالي: « هوشعنا، مبارك الآتي باسم الرب لخلاصنا وتجديدنا».
وأنا كمطران الأبرشية كنت أنوي أن آتي إليكم لخلاصكم وتجديدكم.
وبعد أن اتخذت شعاراً لي في خدمتي الأسقفية في أبرشية البترون أن أخدمكم في المحبة، واتخذت القديسة رفقا شفيعة لي، وضعت برنامجي، الذي هو برنامج كنيستنا المارونية وقد وضعه آباء المجمع البطريركي الماروني وكان عضو فيه المثلث الرحمات المطران حنا شديد الذي قدمنا القداس لراحة نفسه البارحة في الذكرى الأولى لغيابه، أي التجدّد.
أخذته من المجمع كي أطبقه في الأبرشية ويكون برنامجنا لسنوات. التجدد على كل المستويات.
نبدأ أولاً بالتجدّد الروحي. وهدفنا أن نتجدّد روحياً، لأننا في هذه المنطقة أبناء القديسين، ونعيش على أرض القداسة والقديسين. والله أعطانا نعمة مميزة لم تعطَ لأحد سوانا، وهي أننا نحظى في محيط بضعة كيلومترات مربعة بأربعة ضرائح قديسين هم مثال لنا. فلا نستطيع بعد الآن إلا أن نلبي دعوتنا إلى القداسة، ونتجدّد روحياً في علاقتنا مع الله بصلاتنا وبعودتنا إلى تراث عائلاتنا المسيحية التي تربينا فيها على الصلاة والسهر والصوم والقيم المسيحية والإنسانية.
ثم التجدد على مستوى الأشخاص، بدءاً من المطران، ثم إلى الكهنة والرهبان والراهبات والآباء والأمهات والشباب والصبايا والصغار. وكل واحد منا يتخذ مقصداً بأن يتجدّد بالمسيح ومع المسيح في الكنيسة. لأننا كلنا الكنيسة، وكل واحد تعمّد باسم الآب والابن والروح القدس أصبح عضواً في الكنيسة وحاملاً مسؤولية ورسالة.
وثالثاً التجدّد على مستوى المؤسسات، بدءاً بدوائر المطرانية واللجان والمجالس وانتهاءاً بالرعايا ولجانها، لا سيما لجان الوقف، وجمعياتها الكنسية والرسولية.
كلنا مدعوون إلى عيش التجدّد في كنيستنا المارونية فننظر إلى البعيد إلى مستقبل ثلاثين وخمسين سنة.
كذلك رعية إده، كما سائر رعايا الأبرشية، مدعوة إلى أن تتجدّد روحياً وبأشخاصها ومؤسساتها. ويأتي دورها بأن يكون لها كاهن جديد ولجنة وقف جديدة وأخوية وطلائع وفرسان تتجدّد. وتعود رعية إده مركز إشعاع روحي ورسولي في هذه المنطقة.
لهذا أردت أن أكون بينكم اليوم في أحد الشعانين لأعيّد معكم ومع أولادنا وأطفالنا ولأقول لهم: المسيح يحبّكم، وأنا أيضاً أحبّكم. واليوم هو يوم الفرح باستقبال المسيح الداخل الى أورشليم. وأطفالنا بمحبتهم العفوية والمجرّدة التي لا تعرف مصلحة، يستقبلون يسوع بفرح كبير.
أريد أن أقول لكم: أنتم مستقبل كنيستنا وأبرشيتنا. وأنتم ستحملون بعد عشرة أو عشرين سنة مسؤولية رعيتكم وأبرشيتكم ومنطقتكم ولبنان، لأن إده معروفة بعطاءاتها الكبيرة للكنيسة والوطن وعلى المستوى الثقافي والإجتماعي والسياسي.
أنتم المستقبل. إسمعوا لأهلكم. فهم يربّونكم على القيم التي تربّوا هم عليها وحافظو عليها. إسمعوا لهم يربّونكم على محبة كنيستكم الحاملة تاريخاً عريقاً. إنهم يضحّون بالغالي والنفيس كي تتعلّموا وتتثقفوا وتكونوا شخصيات تخدم الكنيسة والوطن. وذلك لأن الثقافة في تاريخنا، مثل إيماننا بالله وتمسّكنا بأرضنا، هي من الثوابت التي سمحت لنا بأن نبقى هنا ونصمد بالرغم من كل ما واجهنا من صعوبات وتحديات. إنها ثوابت عليكم أن تحافظوا عليها.
أهلكم يحبونكم. ونحن نحبكم. والكنيسة أمكم تحبكم، وتقول لكم: لا تخافوا ! أنتم أقوياء، أقوياء بالمسيح، أقوياء بكنيستكم، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها.
فلنهتف معاً بصوت واحد: هوشعنا، مبارك يسوع المسيح الإله الآتي لخلاصنا وتجديدنا. مبارك يسوع المسيح ابن الله، الذي بعد دخوله في المجد، مجد البشر، إلى أورشليم مشى مسيرة الآلام حتى الجلجلة، حتى الصليب، ليقبل الموت وبقيامته يعطينا المجد الحقيقي، المجد الذي لا يزول، وليس لنا غيره مجد على هذه الأرض. آمين.