رسامة الخوري جوني طنوس- البترون، 1-5-2021

عظة المطران منير خيرالله

في قداس رسامة الخوري جوني راجي طنوس

كاتدرائية مار اسطفان البترون، السبت أول أيار 2021

 459

« يا بنيّ إن أقبلتَ لخدمة الرب الإله، فاثبُتْ على البرّ والتقوى وأعدِدْ نفسك للمحنة » (يشوع بن سيراخ، 2/1).

نرفع معًا التسبيح والمجد والاكرام إلى الله الآب والابن والروح القدس على نعمة الكهنوت التي يهبها لأبرشيتنا بابنها جوني راجي طنوس. ونفرح معه فرحاً عظيماً إذ إنه يقتبل سرّ الكهنوت في اليوم الأول من شهر أيار المكرّس لتكريم العذراء مريم أم الله وأم الكنيسة وأم الكاهن.

أيها العزيز جوني،

تقدمك رعية البترون إلى الكهنوت لخدمة شعب الله، وقد اختارك الرب يسوع، الكاهن الأوحد والأبدي، ودعاك ليشركك في كهنوته الخِدَمي بعد أن كان أشركك في كهنوته العام الملوكي والنبوي بسرّ العماد المقدس.

ويقول لك على لسان يشوع بن سيراخ: « يا بنيّ إنْ أقبلتَ لخدمة الرب الإله، فاثبت على البرّ والتقوى وأعدِدْ نفسك للمحنة » (بن سيراخ 2/1).

هذا هو الشعار الذي اخترته للخدمة الكهنوتية التي أنت مقبل عليها.

وأنت تعلم يقينًا أن الكهنوت هو أولاً وآخرًا خدمة، خدمةُ الله وخدمة شعبه، على مثال يسوع المسيح الذي جاء ليَخدُم لا ليُخدَم. فصار إنسانًا، وتبنّى إنسانيتنا الضعيفة بهدف أن يتمّم مشيئة الآب بالحبّ حتى النهاية، حتى بذل الذات بالموت على الصليب.

في حياتك العائلية أولاً، وفي التزامك باتّباع الرب يسوع في الخدمات الرعائية التي تمرّست عليها في الكنيسة وفي التنشئة التي قبلتَها، أعدَدت نفسك للخدمة الكهنوتية وللمحنة التي سوف تواجهها، أي حمل الصليب مع يسوع في خدمة التعليم والتقديس والرعاية لشعب الله الذي توكله الكنيسة إليك.

أنت ابنُ عين عكرين وابن عائلة مسيحية ملتزمة. تنشّأت على يد والد مؤمن وملتزم بخدمة الوطن والمجتمع في مؤسسة الأمن العام، ووالدة من البترون معروفة بالتزامها والتزام عائلتها كنسيًا واجتماعيًا. وبدأت دروسك في البترون في ثانوية القلبين الأقدسين بالقرب من كاتدرائية مار اسطفان حتى مناولتك الأولى فيها.

ثم انتقلت إلى شكا مع العائلة وتابعت دروسك في ثانوية سيدة الخلاص لراهبات العائلة المقدسة المارونيات حتى الشهادة الثانوية. والتزمت في رعية شكا ورافقت الطليعة وجماعة إيمان ونور.

وبعد نيلك إجازة في إدارة الفنادق في تموز 2010 قرّرت أن تلبّي دعوة الرب يسوع إلى الخدمة في الكهنوت. فاتصلت بسيادة المطران يوسف سويف رئيس أساقفة قبرس وابن شكا الذي قبلك طالبًا إكليريكيًا على إسم أبرشيته على أن تكون يومًا كاهنًا تخدم فيها.

فدخلت اكليريكية مار أغسطينوس كفرا في أيلول 2010 للتنشئة ثم لمتابعة دروسك الفلسفية في جامعة الحكمة.

وفي أيلول 2012 انتقلت مع رفاقك إلى الاكليريكية البطريركية المارونية في غزير بعد أن اتخذ سينودس الكنيسة المارونية قرارًا بإقفال اكليريكية كفرا بهدف توحيد التنشئة في غزير.

في 26 حزيران 2013 تزوجت من ليزا عبدالله ابنة عين عكرين، ومعها تعاهدت على عيش الحبّ الذي منحكما إياه الله في سرّ الزواج المقدس وعلى متابعة تنشئتك الكهنوتية. فوافق سيادة المطران سويف على أن تتابع دروسك اللاهوتية في اكليريكية مار أنطونيوس كرمسده.

والملاحظات التي وصلتنا من المدارس الاكليريكية الثلاث تتفق على القول بأن جوني « رجل لطيف ومهذب وخدوم. يتمتّع بشخصية هادئة ومتّزنة. لا يتردّد في وضع مواهبه في خدمة الجماعة، ويتحسّس حاجات الآخرين، لا سيما المحتاجين منهم ».

وعند نهاية دروسك، طلبتَ من مطرانك إعفاءك من الالتحاق بأبرشية قبرس للبقاء في لبنان مع عائلتك. فوافق على ذلك بقلب منفتح. ثم وافق على انضمامك إلى أبرشية البترون.

وبعد خبرة سنتين في رعية البترون مع الكهنة في الخدمة الرعائية ومع شبيبة جمعية مار منصور وفريق تحضير الأولاد للمناولة الأولى، رافقك فيها الخوري بيار صعب، وكانت خبرة إيجابية ثبتّت أنك « رجل خدوم ورصين وهادئ وتحترم الجماعة وتتحسّس مع المحتاجين »، قبلناك في الأبرشية، وتدرّجت في الرسامة الشدياقية ثم في الشماسية.

واليوم نمنحك سرّ الكهنوت وموهبة الروح القدس لتشترك في كهنوت المسيح الذي ستتّحد به، ومن خلاله تدخل في شركة خاصة مع الثالوث الأقدس، وتخدم شعب الله الذي سنوكله إليك بالمحبة الراعوية، وتدخل في أخوّة الجسم الكهنوتي الذي يرأسه الأسقف.

لذا فانه لا بدّ لك من أن تَعِيَ أن كهنوتك ينبع من كهنوت المسيح ويكوّن فيك وثاقًا جوهريًا مميّزًا يربطك بالمسيح من خلال الأسقف ويجعل منك صورةً حقيقيةً له وممثلاً له في رعاية شعبه. (راجع الإرشاد الرسولي « أعطيكم رعاة » للقديس البابا يوحنا بولس الثاني، عدد 12 والمجمع البطريركي الماروني، النص السابع، عدد22).

أنا أصلي من أجلك كي تقوم بخدمتك ثابتًا على البرّ والتقوى وكي تعمّق اتحادك الروحي بالمسيح لكي تكون علامةً لحضوره في العالم وتكونَ حياتُك شهادةً له في خدمة كهنوتية متواضعة ومضحّية ومتجرّدة، فتقول للناس مع يسوع: تعالوا وانظروا !

إني أصلي من أجل عائلتك، والديك وشقيقك وشقيقتك، وزوجتك وطفليك.

وأقول لزوجتك ليزا: أنتِ تشاركين جوني خدمته الكهنوتية وتطلبين منه السهر على العائلة من دون أن تعيقي سَهَره على عائلته الأكبر، الرعية.

وأصلي من أجل بلدتك عين عكرين ورعية شكا ورعية البترون، ومن أجل جميع الذين تعبوا في تنشئتك الاكليريكية في كفرا وغزير وكرمسده وفي جامعة الحكمة وجامعة الروح القدس الكسليك والجامعة الأنطونية.

وأتقدم بالشكر الخاص من أخي سيادة المطران يوسف سويف رئيس أساقفة قبرس، واليوم رئيس أساقفة طرابلس، الذي رافقك طوال سنوات وضحى في سبيل تنشئتك وتقبّل بقلب الأب الحنون قرارك بالبقاء في لبنان وانتقالك إلى أبرشية البترون، أبرشية القداسة والقديسين.

أستودعك محبة الله ونعمته التي حلّت عليك اليوم وهي ستقودك إلى تلبية دعوة الله إلى القداسة، فتقدّس نفسك وشعب الله المؤتمن عليه، وتدخل في مسيرة تطبيق مجمعنا الأبرشي بهدف أن"نتجدّد ونتقدس معاً بالمسيح على خطى آبائنا القديسين".

وأسلّمك إلى شفاعة وحماية العذراء مريم لتخدم بمحبة و تجرد شعب الله في لبنان المحتاج إلى قربٍ ورجاءٍ بالمسيح ولتعمل مع إخوتك الكهنة، متشبّهين بيسوع المسيح الراعي الصالح، في سبيل بنيان البيعة المقدسة وثباتها وتمجيد الثالوث الأقدس. آمين.

Photo Gallery