عظة المطران منير خيرالله
في قداس افتتاح السنة الطقسية ومسيرة سينودس الأساقفة 2023
كاتدرائية مار اسطفان البترون، 6/11/2021
إخوتي وأخواتي أبناء وبنات أبرشية البترون
كهنةً ورهبانًا وراهبات وعلمانيين
أعضاء اللجان والمجالس الأبرشية والرعائية ولجان الأوقاف
والأخويات والحركات والمنظمات والجمعيات الكنسية
وسائر المكرسين والعلمانيين
نفتتح معًا اليوم في أبرشيتنا، كما في سائر الأبرشيات المارونية، السنة الطقسية ومسيرة التحضير للجمعية العامة السادسة عشرة لسينوس الأساقفة التي دعا إليها قداسة البابا فرنسيس وستُعقد في روما في تشرين الأول 2023، بعنوان: « من أجل كنيسة سينودسية: شركة ومشاركة ورسالة ».
وشاء قداسة البابا أن تنطلق مسيرة التحضير لهذا السينودس، في المرحلة الأولى التي تمتدّ من تشرين الأول 2021 حتى آب 2022، من الكنائس المحلية ومن الأبرشيات التي ستطلق مشاورة واسعة لجمع خبرات الكنيسة في المسيرة السينودسية المعاشة من خلال إشراك الرعاة، الأساقفة والكهنة، والمكرسين والمؤمنين العلمانيين القريبين والبعيدين، الذين يجمع بينهم سرّ العماد، ومع غير المسيحيين وغير المؤمنين.
وقد وضعت الأمانة العامة للسينودس في روما وثيقة تحضيرية أرفقتها بدليل تحضيري، اعتبرتهما أداتي عمل داعمتين للمرحلة الأولى من الإصغاء والتشاور مع شعب الله.
ويطلب منا قداسته أن نسير معًا وأن « نصغي إلى صوت الله وإلى صوت شعب الله »؛ لأن قلب الخبرة السينودسية هو الإصغاء إلى الله من خلال الإصغاء إلى بعضنا البعض. « نستمع إلى بعضنا البعض من أجل سماع صوت الروح القدس الذي يتحدث في عالمنا اليوم »، ويدعونا إلى الوحدة والشركة والأخوّة التي تنشأ من إيماننا بأن الله يحبّنا حبًّا واحدًا ومطلقًا بابنه يسوع المسيح فنتوجّه معًا بالصلاة التي توجّه بها إلى الآب من أجل تلاميذه: ليكونوا بأجمعهم واحدًا ». (يوحنا 17/21).
لذلك علينا أن نسير معًا، في شعب الله الواحد، لنعيش في خبرة كنسية يقودها الروح القدس.
واختار البابا ثلاثة عناوين للسينودس: شركة ومشاركة ورسالة.
الشركة والرسالة هما تعبيران لاهوتيان يرمزان إلى سرّ الكنيسة جسد المسيح السرّي ونحن أعضاء فيه. فالكنيسة، اقتداءً بحياة الثالوت الأقدس، هي سرّ الشركة في الداخل ومصدر الرسالة نحو الخارج.
والسير معًا من الداخل إلى الخارج يتمّ بمشاركة الجميع، كل شعب الله، وكل واحد من شعب الله، لأن لكل واحد دورًا ومكانة في الكنيسة. فالمشاركة هي من متطلبات نعمة الإيمان التي نلناها بالمعمودية، لأننا « اعتمدنا جميعًا في روح واحد لنكون جسدًا واحدًا »، كما يقول القديس بولس (1 قور 12/13).
واختار البابا ثلاث عبارات - لقاء، إصغاء، تمييز – ليشرح مسيرة السينودس، الذي يعني السير معًا بوحي الروح القدس. فيقول:
« نحن مدعوون في المسيرة السينودسية إلى أن نصير خبراء في فنّ اللقاء، أي بتخصيص الوقت للقاء الرب يسوع وتشجيع اللقاء في ما بيننا.
نحن مدعوون إلى إعطاء مساحة للصلاة والسجود والإصغاء إلى ما يريد الروح أن يقوله لكنيستنا ولبعضنا البعض.
السينودس هو مسيرة تمييز روحيّ وكنسيّ تتمّ في السجود والصلاة والصِلَة مع كلمة الله التي تجعلنا قادرين على التمييز. وهي التي توجِّه السينودس الذي هو نعمةٌ من الله ومسيرة يقودها الروح القدس كي لا يكون مؤتمرًا كنسيًا أو مؤتمرًا سياسيًا أو مؤتمر دراسات »([1]).
نحن مدعوون إذًا إلى السير معًا في حياة كل يوم في اللقاء والإصغاء إلى كلمة الله وإلى جميع الناس. السير معًا هو زمن نعمة يمنحنا ثلاث فُرص:
« الفرصة الأولى هي أن نسير معًا، بصورة ثابتة، نحو كنيسة سينودسية، أي في الشركة والمشاركة والرسالة.
الفرصة الثانية هي أن نسير معًا لنصير كنيسة تصغي إلى الروح القدس في السجود والصلاة والإصغاء إلى بعضنا البعض.
الفرصة الثالثة هي أن نسير معًا لنصير كنيسةَ القُرب من الناس مستلهمين أسلوب الله بابنه يسوع المسيح، أي القرب والرحمة والحنان »([2]).
مطلوب منا، في المرحلة الأولى من السير معًا في تحضير السينوس، أن نعيش الخبرة السينودسية وأن نتمرّس على تمييز واقع كنيستنا في قدرتها على الإصغاء لمؤمنيها ولجميع الناس في الإدلاء بآرائهم عن « كيف يتحقق السير معًا اليوم في كنيستنا الخاصة وفي أبرشيتنا ؟ وما هي الخطوات التي يدعونا الروح القدس إلى اتخاذها لكي ننمو في السير معًا ؟ »([3]).
إنه السؤال الرئيسي المطروح علينا؛ وسنجيب عليه في لقاءاتنا نحن الكهنة والرهبان والراهبات والمكرّسين أولاً، ومع العلمانيين أعضاء اللجان والمجالس الأبرشية والرعائية ولجان الأوقاف والأخويات والحركات والمنظمات الكنسية وغير الكنسية، ومع البعيدين عن الكنيسة والغريبين عنها.
لذا أدعوكم جميعًا إلى الالتزام بهذه المسيرة، بالرغم من ظروفنا الكارثية وهمومنا الكبيرة، كما التزمتم في مسيرة مجمعنا الأبرشي على مدى ست سنوات. فنتّكل على العناية الإلهية، كما يعلّمنا المكرّم البطريرك الياس الحويك ابن أبرشيتنا، لنشهد معًا للرجاء الذي فينا وللفرح الذي يزرعه الرب يسوع في قلوبنا. فنغتنمها فرصة للّقاء والإصغاء إلى صوت الله وإلى صوت جميع إخوتنا الذين نعيش معهم في نطاق الأبرشية وتمييز إرادة الله في حياتنا التي تحملنا على المحبة والحوار.
سنعمل معًا في أبرشيتنا على أن تخرج كنيسة البشر من بناء الحجر إلى مساحة البشر على تنوّعهم واختلاف أوضاعهم الإنسانية والمعيشية والروحية، وملاقاتهم حيث يعيشون ويعانون ويتألمون ويَرجون لتعيش القرب منهم وتصغي إليهم وتسمع أنينهم وتبلسم جراحهم. فتسير معهم، كما سار يسوع المسيح مع شعبه، وقاده في طريق الخلاص عبورًا بالصلب والموت إلى مجد القيامة.