قداس الشكر السنوي لرابطة كاريتاس- إقليم البترون- كفرحي 7-11-2021

عظة المطران منير خيرالله

في قداس الشكر السنوي لرابطة كاريتاس- إقليم البترون

دير مار يوحنا مارون- المطرانية، 7/11/2021

 470

« معكن بتبقى الحياة » وبتستمرّ

أخي صاحب السيادة المطران إدوار جاورجيوس ضاهر متروبوليت طرابلس والشمال للروم الملكيين الكاثوليك،

حضرة الخوري نعمة الله عبود ممثلاً سيادة المطران يوسف سويف راعي أبرشية طرابلس المارونية،

حضرة الأم ماري أنطوانيت سعاده الرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات،

حضرة الأب ميشال عبود رئيس رابطة كاريتاس لبنان،

إخوتي الكهنة، أحبائي المسؤولين والمتطوعين في رابطة كاريتاس لبنان وفي إقليم البترون،

أيها الأخوة والأخوات.

نحتفل معًا بقداس الشكر السنوي لرابطة كاريتاس في إقليم البترون لنشكر الله على خدمة المحبة التي تقومون بها باسم الكنيسة تجاه إخوتنا المحتاجين إلى محبة. ورابطة كاريتاس هي جهاز الكنيسة الاجتماعي ويد الكنيسة الأم والساهرة والمُحَّبة لكي تخدم وتعمل على ترقّي الشخص البشري، وبنوع خاص الفقراء والمهمّشين والضعفاء في المجتمع.

ورابطة كاريتاس هي عالمية وابنة الكنيسة الجامعة. وتحتفل رابطة كاريتاس العالمية هذه السنة بمرور سبعين سنة على إنشائها من قبل البابا بيوس الثاني عشر في 12 كانون الأول 1951، وكان الهدف « توحيد الجمعيات الخيرية الوطنية وتعزيز التفاهم المتبادل والتنسيق والمشاركة في تنفيذ النشاطات الخيرية والاجتماعية في مناطق عديدة من العالم ».

ونحتفل في المناسبة نفسها بافتتاح السنة الطقسية ومسيرة التحضير لسينودس الأساقفة الذي سيُعقد في روما في تشرين الأول 2023 بعنوان: « من أجل كنيسة سينودسية: شركة ومشاركة ورسالة »، يدعونا فيها قداسة البابا فرنسيس إلى السير معًا باللقاء والإصغاء والتمييز.

نحن مدعوون إذًا إلى أن نسير معًا ونصغي إلى حاجات بعضنا البعض ونتضامن في ظروفنا الكارثية ونثبت في إيماننا ونصمد في أرضنا، أرض القداسة والقديسين.

رابطة كاريتاس تعمل بحسب القيم التي تستلهمها من تعاليم الكنيسة التي تنطلق من مفهوم المحبة في الإنجيل كما عاشه يسوع المسيح ابنُ الله وابنُ الإنسان الذي ارتضى أن يتجسّد إنسانًا مثلنا ليعيد إلى كل إنسان كرامته وحريته وحقَّه في الحياة. وارتضى أن يموت على الصليب حبًّا بنا نحن البشر، وقام من بين الأموات ودعانا إلى أن نكون معه في ملكوت الآب السماوي. وسيعود في المجيء الثاني ليدين كل إنسان بحسب أعماله، أي على المحبة التي يكون قد عاشها مع إخوة يسوع هؤلاء الصغار: الجائع والعطشان والمريض والمتألم والمظلوم والمنبوذ والمهجّر والمحتقر من المجتمع.

والقيم التي تعمل بموجبها كاريتاس تتلخّص في احترام كرامة الإنسان وتعزيز حقّه في الحياة الكريمة، وفي التضامن في محبة الفقراء وفي تشجيع الاعتماد على الذات، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

ولأن خدمة الإنسان هي قضيةُ الكنيسة وقضيتُنا في أبرشية البترون أبرشية القديسين، طلبنا من الملتزمين في مكتب رابطة كاريتاس وفي سائر الجمعيات التي تُعنى بالشأن الاجتماعي وخدمة المحبة أن يعملوا، في مسيرة مجمعنا الأبرشي (2013-2019)، وبعده:

أولاً، على هدم الجدران بين الأشخاص والمؤسسات للتكامل في خدمة المحبة وتقديم العون والمساعدة لمن هم في أكثر حاجة.

وثانيًا، على تحويل العمل الحسناتي إلى عمل إنمائي، لأننا نؤمن أن كنيستنا تسعى إلى إنماء شعبها وترقّيه بدل تعزيز عمل الإحسان والشفقة. (راجع مجمع أبرشية البترون، النص 13، ص 269).

وفيما يعيش شعبنا اليوم ظروفًا كارثية لا تُحتمل أدّت إلى إنهيار الدولة وأسقطت أكثر من 75٪ من اللبنانيين إلى ما دون خط الفقر وحملت الآلاف من الشباب والعائلات والنخبة إلى الهجرة، نجدّد التزامنا بالتضامن وبعمل المحبة كالسامري الصالح. وندرك أننا، في زمن الأزمات المتراكمة، مُبحرون في سفينة واحدة، كما قال قداسة البابا فرنسيس، وأننا نتابع الإبحار معًا، للوصول إلى ميناء الأمان. وفي السفينة من هم خائفون، ومن هم يائسون، ومن هم حزانى، ومن هم مرضى وضعفاء. لذا علينا، نحن المؤمنين بأن يسوع المسيح هو قبطان السفينة، أن نعطي للخائف الجرأة، ولليائس الرجاء، وللحزين التعزية، وللمريض والضعيف الحنان والقوة.

سنعزّز التضامن في ما بيننا ونمارس المحبة والرحمة مع الذين هم في حاجة إليها، وما أكثرهم في هذه الأيام، بكل ما يأتينا الله من إمكانيات مادية بفضل إخوة وأخوات لنا عبر العالم، وسنصغي إلى أنين جراحاتهم ونساعدهم في لقمة عيشهم، ودواء واستشفاء مرضاهم، وأقساط أولادهم في المدارس.

سنكون سامريين صالحين، كما يطلب منا المسيح، ونضمّد جراح الساقطين في أيدي اللصوص ونعيد إليهم الحياة، لتبقى الحياةُ وتستمرّ، ونحمل إليهم الرجاء بأن العاصفة ستهدأ، والفجرَ سينبلج، والخلاصَ آتٍ، والسفينة ستصل إلى برّ الأمان، لأنها كنيسة المسيح وأبواب الجحيم لن تقوى عليها.

أحبائي أعضاء مكتب كاريتاس البترون والشبيبة والمتطوعين، إني أشكر الله عنكم وأشكركم على خدمة المحبة وعلى الجهود الكبيرة التي تبذلونها باسم الكنيسة وباسم يسوع المسيح تجاه إخوته هؤلاء الصغار. وأعرف جيدًا كم تقضون من أوقاتكم في الليل والنهار للإصغاء إلى جميع الذين يقصدونكم لخدمة محبة وكم تعانون من أنكم لا تستطيعون أن تلبّوا كل الحاجات لقلّة الإمكانيات. لكن الله يراكم ويسدّد خطاكم ويمنحكم الشجاعة والجرأة والقوة على مواجهة التحديات ورفع شأن وكرامة كل إنسان.

وكلُّنا ثقة ورجاء أن المحبة لا تسقط أبدًا وأننا، نحن وأنتم، إلى القيامة صائرون بالمسيح يسوع.   

Photo Gallery