قداس لجنة راعوية الصحة، دير كفيفان، 4-12-2021

عظة المطران منير خيرالله

في قداس لجنة راعوية الصحة عن نية المتوفين بوباء كورونا

دير مار قبريانوس ويوستينا، كفيفان، السبت 4/12/2021

 471

« إن الله أحبّنا قبل أن نحبّه » (1 يوحنا 4/19)

إخوتي وأخواتي الكهنة والرهبان والراهبات،

وأعضاء لجنة راعوية الصحة والملتزمين في خدمة المرضى،

وعائلات المتوفين بوباء كورونا.

بدعوة من لجنة راعوية الصحة في الأبرشية ورئيسيها الحالي الشماس شربل نسيب الفغالي والسابق الخوري شربل خشان وأعضائها الذين يبذلون التضحيات الكبيرة لخدمة إخوتنا المرضى ولمرافقة عائلاتهم، نحتفل اليوم بقداس خاص على نية المتوفين من أبناء وبنات أبرشيتنا جرّاء إصابتهم بوباء كورونا، وعلى نية أهلهم وعائلاتهم الحاضرين معنا والمعتذرين عن الحضور.

واحتفالنا في دير القديسين الشهيدين قبريانوس ويوستينا وفي مزار القديس نعمة الله والطوباوي اسطفان هو دعوة إلى الصلاة من أجل الثبات في إيماننا ورجائنا لمواجهة الظروف الراهنة الكارثية والأزمات المتتالية، لا سيما أزمة وباء كورونا. هذا الوباء الذي فاجأ العالم وأنهك البشرية.

ويؤكد قداسة البابا فرنسيس أن هذا الوباء كشف هشاشة الطبيعة البشرية وضعفها، كما جعلنا جميعًا نعيد قراءة حياتنا اليومية وسلوكنا وتصرّفاتنا لنكتشف أن هناك فيروساتٍ أكثر فتكًا بالبشرية من وباء كورونا، من مثل فيروس انتهاك كرامة الإنسان والتعامل معه كأنه مجرّد شيء نستعمله ونرميه بعد الاستعمال. وفي أساس هذا الفيروس ثقافةُ الأنانية والعدوانية ونبذ الآخر فيتحوّل إلى منتج استهلاكي للاستعمال المؤقّت.

وفيما تسعى الدول المتقدمة والعلماء فيها للتصدي لوباء كورونا والحدّ من انتشاره باختراع اللقاحات المتعددة، تدعونا الكنيسة باسم المسيح إلى التصدّي لوباء اللامبالاة وانتهاك كرامة الإنسان.

واختبار البشرية لمحنة وباء كورونا، وقد طال أمدُها، يضعها أمام خيارين: إما أن تخرج منها أسوأ مما كانت عليه قبل الوباء، وإما أن تخرج منها أكثر إنسانية بتضامنها مع الشعوب الأكثر فقرًا وعوزًا. وهذا ما نرجوه كي ننتقل معًا إلى ثقافة التضامن والتضحية من أجل الخير العام المشترك والعدالة وتوزيع الخيرات على الجميع.

والجواب المسيحي للتصدّي لوباء كورونا وغيره من الأوبئة النفسية والجسدية والاجتماعية والاقتصادية يستند إلى المحبة. محبة الله لنا؛ « إنه أحبّنا قبل أن نحبّه؛ وأظهر محبّته لنا بأنه أرسل ابنه الوحيد إلى العالم كفارةً عن خطايانا لنحيا به ». (1 يوحنا 4/19 و9-10).

وهذا الحب، يقول قداسة البابا فرنسيس، هو اللقاح الوحيد الناجع الذي يعالج ويشفي البشرية المريضة والمصابة بتلك الأوبئة، وأخطرها الأنانية.

وفيما نقترب من عيد ميلاد الرب يسوع إنسانًا بيننا ومثلنا، نتأمل سرّ التجسد الذي يعني لنا انحناء الله على البشرية الضعيفة والمتألمة والساقطة تحت سلطان الخطيئة ليشفيها ويخلّصها ويرفعها إلى مستوى الألوهة. في سرّ التجسّد صار الإله إنسانًا ليصير الإنسان إلهًا. وفي سرّ الفداء مات المسيح وقام ليُميت معه كل إنسان ويقيمه إلى الحياة الأبدية ويعيد إليه كرامة أبناء الله. فيصبح كل إنسان محبوبًا من الله الآب على مثال ابنه يسوع.

قداسُنا اليوم هو وقفة تضامنية مع كل عائلة أصيبت بفقد أحد أفرادها من وباء كورونا ولم تستطع أن تودّعه ولا أن ترافقه ولا أن تقوم بواجب الصلاة والعزاء. ولكننا نعرفكم أبناء إيمان ورجاء بالقيامة مع الرب يسوع المسيح. فلم تيأسوا ولم تستسلموا ولم تفقدوا ثقتكم بالله وبالكنيسة الأم الساهرة، كما كانت مريم العذراء ساهرة على عائلتها في الناصرة وتبقى ساهرة على عائلاتنا وكنيستنا وشعبنا ووطننا.

ولا ننسى أن نصلي، مع لجنة راعوية الصحة في أبرشيتنا، من أجل جميع العاملين في الجسم الطبّي والتمريضي ونقدّر كم يؤدّون من التضحيات في خدمة المرضى والمتألمين والعجزة والفقراء.

 

أيها الرب يسوع، نستودعك موتانا وهم معك في الملكوت بصحبة أمك وأمنا مريم العذراء وجميع قديسينا وشفعائنا، ونسلّمك ذواتنا وعائلاتنا وكنيستنا وشعبنا ووطننا راجين أن نستقبلك في ميلادك بالفرح والبهجة في ظلمة حياتنا اليومية على رجاء أن نقوم معك إلى حياة جديدة في وطن متجدّدٍ ليبقى رسالة ووعدًا في المحبة والسلام.  

photo gallery