عظة المطران منير خيرالله
في تسليم خادم رعية أسيا الخوري يوسف الرامي فاضل
الأحد 3/11/2024، كنيسة مار جرجس أسيا
« أنت هو المسيح ابن الله الحي » (متى 16/16)
أبونا نبيه الخوري،
أبونا يوسف الرامي فاضل،
أحبائي جميعًا أبناء وبنات رعية أسيا.
بفرح كبير أنا معكم اليوم، وشاء الله أن يكون فيه مناسبات عدة لرعية أسيا.
المناسبة الأولى هي افتتاح السنة الطقسية، أحد تقديس البيعة، الأحد الأول من مسيرتنا مع يسوع المسيح منذ ولادته إلى رسالته الخلاصية بين البشر ثم موته على الصليب وقيامته، وإرساله رسله إلى العالم بقوة الروح القدس في العنصرة.
المناسبة الثانية هي عيد مار جرجس شفيع رعيتكم.
والمناسبة الثالثة هي لتقديم خادم رعيتكم الجديد، الخوري يوسف رامي فاضل، ابن تنورين بعد أن أشكر الخوري زياد اسحق الذي خدمكم لسنوات طويلة، والأب نبيه الخوري الذي خدمكم في مرحلة انتقالية.
أريد قبل كل شيء أن أعتذر منكم ربما على تقصيري نحوكم، وكان يجب أن أرافقكم وأسهر عليكم أكثر مما فعلت. مع أن رعية أسيا هي في قلبي منذ زمن بعيد، منذ أن كنت كاهنًا جديدًا؛ هي في قلبي بأخويتها وفرسانها وطلائعها وشبيبتها وعائلاتها. وحملت معها همّ الرسالة.
لكن الله أراد أن أحتفل معكم اليوم بالأحد الأول من السنة الطقسية؛ ذلك لأنها علامة منه لكي نفتتح سنة جديدة وصفحة جديدة حاملين رجاءًا جديدًا بأننا معًا كنيسة المسيح؛ وقد قال عنها: « إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها ».
أنا عائد بعد شهر قضيته في روما للمشاركة في سينودس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية مع قداسة البابا فرنسيس، خليفة بطرس، أسقف روما، الذي كان ولا يزال، مع جميع إخوتنا الأساقفة، يحمل لبنان في قلبه وفي صلاته. ووعدونا جميعًا أن يصلّوا من أجلنا ويطلبوا من الله أن يمنحنا القوة على الثبات في إيماننا ورجائنا في الظروف الكارثية التي نعيشها. سنتوقف بعد بضعة أشهر على مرور خمسين سنة على بدء الحرب في لبنان؛ وقد عانى منها اللبنانيون وأبناء منطقتنا وأبرشيتنا البترون. وكنا كل يوم وكل شهر وكل سنة نعد أنفسنا بأن الحرب ستنتهي، ولم تنتهٍ.
ما العمل إذًا ؟ العمل هو أن نثبتَ في إيماننا وفي القيم التي تربّينا عليها في عائلاتنا المباركة وفي منطقتنا البترونية، أبرشية القداسة والقديسين.
أن نثبت في مواجهة شياطين العالم الذين تواكبوا إلى لبنان ليزرعوا فيه الشرّ والحقد والبغض والكراهية والحرب. نطرد هؤلاء الشياطين بالصلاة وبالثبات في إيماننا وفي ثقتنا الكاملة بالله.
نعم، نريد الصلاة.
ربّما أننا لم نعد نعرف كيف نصلّي. وإذا صلّينا، فكل واحد منا يفكر بذاته وبهمومه وبطلباته من الله. نفكر بالأنا.
متى نتعلّم أن نخرج من « الأنا » لندخل في الكنيسة، شعب الله، ونصير « نحن ».
الخبرة التي عشتها في مسيرة سينودس الأساقفة في روما لمدة ثلاث سنوات علَّمتنا أن نعبر في الكنيسة من « الأنا » إلى النحن » ونسير معًا إلى حيث يريدنا الله أن نكون.
خرابنا في لبنان يأتي من أن كل واحد منا يفكر بمصلحته، وحتى في علاقته مع الله.
نعترف أننا بشر وضعفاء. حتى بطرس كان ضعيفًا، ونَكَر يسوع.
ومع ذلك ثبّته يسوع في رئاسة الكنيسة. وثبّت الرسل الضعفاء في الرسالة التي انتدبهم لها: إذهبوا في العالم كله، واحملوا بشارة الخلاص إلى البشر أجمعين، وقولوا لهم إن الله يحبكم، وعيشوا فيما بينكم المحبة. وإذا عشتم المحبة يعرف العالم أنكم حقًا تلاميذي. إنها ميزة المسيحيين.
وصيتي لكم ولكل إخوتنا اللبنانيين، هي وصية يسوع المسيح، أن نعيش المحبة بتجرّد وإخلاص.
أقدّم لكم اليوم خادمكم الجديد، الخوري يوسف، الذي سيكون خادمًا لكم في المحبة وحاضرًا في ما بينكم باسم يسوع المسيح، ليقول لكم: معًا سنفتح صفحة جديدة، معًا سنعيش المحبة، معًا سنتحمّل المسؤولية التي حمّلنا إياها يسوع المسيح منذ يوم تعمّدنا باسم الآب والابن والروح، وكل واحد في الموهبة التي منحه إياها الروح القدس.
محبتي لرعية اسيا ثابتة ومخلصة، وسيحملها إليكم كاهنكم الجديد باسم المسيح وباسم راعي الأبرشية. سيحملها إلى كل بيت يزوره، إلى كل عائلة يتعرف إليها، إلى الكبار والصغار، إلى الأخوية والفرسان والطلائع والشبيبة؛ ويدعوكم إلى العمل معًا في سبيل تجديد الرعية وحمل الرسالة المسيحية.
أقدّم قداسي على نيتكم جميعًا، الحاضرين والغائبين والمنتشرين في العالم، وأطلب من الله أن يبارككم بشفاعة العذراء مريم ومار جرجس وجميع قديسينا. آمين.