عظة المطران منير خيرالله
في قداس اليوبيل الذهبي لحركة فرسان العذراء- البترون
كاتدرائية مار اسطفان- البترون، الأحد 4/10/2015
آبائي الأجلاء،
إخوتي وأخواتي في حركة فرسان العذراء
اعتدنا أن نحتفل معاً بعيد الحركة في الأحد الأول من شهر تشرين الأول من كل سنة، في أحد الوردية، في كاتدرائية مار اسطفان حيث تأسست حركتكم مع الخوري- المطران فرنسيس البيسري سنة ١٩٦٥.
ولكن احتفالنا هذه السنة له نكهة خاصة وفيه غصّة.
نكهته الخاصة أنه يقع في السنة الخمسين على التأسيس. إنه اليوبيل الذهبي الذي تستحقون أن تحتفلوا به وذلك بفضل إيمان من سبقكم وبفضل ثباتكم ومثابرتكم على المبادئ التي تأسستم عليها في عائلة رابطة الأخويات في لبنان بشفاعة العذراء مريم ومار اسطفان.
أما الغصّة فهي لغياب المؤسس الذي دعاه الله الى ملكوته في بداية السنة الخمسين، في ٢٤ شباط ٢٠١٥. لكن ما يعزّينا ويعزّيكم هو أنه يشفع بكم من السماء، ويصلّي لأجلكم كي تستمرّوا في رسالتكم سنواتٍ وسنوات الى ما شاء الله.
تأسست حركتكم إذاً في ٤ تشرين الأول ١٩٦٥ على يد الخوري فرنسيس البيسري يوم جاء خادماً لرعية البترون. وراح يفكر ببناء مستقبل الرعية من خلالكم أنتم الشباب و الصبايا. وبدأ يعلّمُكم على التعمّق في إيمانكم المسيحي ويرافقكم زارعاً في قلوبكم الإيمان والمحبة والعطاء؛ وهذا هو شعاركم.
وتوالت السنون وراحت تكبر حركتكم حاملةً معها ولادات جديدة على اسم العذراء مريم: في ١٠ أيار ١٩٦٨، تأسس فرع الزنابق ليكتمل عقد الأولاد إلى جانب الفرسان. في ١٥ تشرين الثاني ١٩٧٠، كبُر الفرسان والزنابق وولدت الطليعة؛ وكنت أنا شخصياً حاضراً في ذلك الاحتفال المهيب في مار اسطفان إذ كنت يومها طالباً اكليريكياً أرافق أخويات وطلائع وفرسان الأبرشية.
وفي أول أيار ١٩٧٦ ولد فرع الشبيبة، للشباب والصبايا الذين تعاهدوا على التعمق في إيمانهم وعلى عيشه باقتناع واندفاع خدمة للكنيسة والمجتمع.
وفي شباط ١٩٩٠، شاء المؤسس أن تولد فرقة لعائلات مريم للمتزوجين. واكتمل العقد في عائلة الحركة.
وبعد سبع وعشرين سنة في خدمة البترون، في آب ١٩٩١، دُعي الخوري فرنسيس لأن يكون مطراناً نائباً بطريركياً على منطقة الجبّة وانتقل إلى الديمان دون أن ينسى أحداً منكم ولا من رعيته الحبيبة البترون.
وخلفتُه أنا خادماً للرعية ومرشداً لحركتكم. فرُحتُ أجني معكم ثمار الزرع الطيّب الذي كان زرعه المؤسس في قلوبكم وفي رعيتكم وأتابع الورشة الرعوية التي كان بدأها؛ وأكتشفتُ فيكم الأصالة والصدق والصفاء والالتزام في الخدمة.
فوضعنا أنفسنا معاً في حالة إصغاءٍ للروح القدس وتركناه يفعل فينا لننطلق في رسالة متجدّدة. وفي الخلوة الأولى التي عقدناها في دير مار يوسف جربتا بالقرب من ضريح القديسة رفقا (في 12/6/1992) جدّدنا التزامنا بأهداف الحركة لتبقى « حركة مسيحية تجمع شباباً يريدون عيش إيمانهم المسيحي والالتزام به في كنيستهم انطلاقاً من مبدأ المشاركة لإنماء الإنسان إنماءً شاملاً»، ولتقوم بدورها الذي هو « تعزيز أواصر الإلفة والتفاعل الفكري والروحي والاجتماعي بين أعضاء الحركة لتكون رسولة في عملها وتشهد للمسيح في المجتمع». ثم شجعت مع أزواج من بينكم على تأسيس « فرق السيدة» لمتابعة الالتزام في عيش الروحانية الزوجية والمسؤولية العائلية. وعملتُ بعد ذلك على تأسيس المجلس الرعوي الذي جمع ممثلين عن أبناء الرعية والرهبانيات والحركات والمنظمات الرسولية، وأطلقنا معه ورشة بناء جماعة رعوية متماسكة بوحدة أبنائها وتضامنهم. وكنتم في هذه الورشة رواداً في الانفتاح على الآخرين وفاعلين في تغذية الشعور بالانتماء الى الرعية الواحدة في تعدّدية المواهب.
وغادرتكم بعد عشرين سنة، في ٢٥ شباط ٢٠١٢، إذ دعاني الرب لأن أكون راعياً لأبرشية البترون و«خادماً لكم في المحبة». فدعوتُ عدداً منكم ليكونوا، مع إخوة وأخوات آخرين من سائر حركات ورعايا الأبرشية، إلى جانبي ليعاونوني في رعاية كنيسة المسيح في البترون التي هي اليوم في مسيرة مجمع أبرشي يهدف الى التجدّد على خطى مار يوحنا مارون وآبائنا القديسين. ونحن جميعاً معنيون بهذه المسيرة إذ نلتزم بأن نفكر معاً ونصلّي معاً ونخطّط معاً في سبيل القيام بالرسالة التي أوكلها إلينا الرب يسوع في أبرشية القداسة والقديسين.
والخوري بيار صعب الذي خلفني في خدمة رعية البترون وهو مرشدكم، يتابع الورشة الرعوية ويدعوكم الى متابعة التزامكم في عيش أهدافكم في خدمة رعيتكم وكنيستكم المحلية، أبرشية البترون، وإلى الانخراط في مسيرة مجمعها الأبرشي الذي يجدّدنا روحياً وإنسانياً ومؤسساتياً.
في عيدكم الخمسين، إني أصلّي من أجلكم مع الرب يسوع، الكاهن الأوحد والأبدي والمعلّم والراعي الصالح، ومع مؤسسكم المطران فرنسيس، وأبتهل إلى الله الآب كي يحفظكم من الشرير ويمنحكم نعمة روحه القدوس لتكونوا أنبياء الحق تثورون على الشر والفساد، ورسل المحبة والمصالحة والسلام لا تساومون على حريتكم وكرامتكم وحقكم في الحياة في الوطن الرسالة لبنان.
كونوا إذاً شهود المسيح على أرض المسيح، ولا تخافوا، فالمسيح معنا الى منتهى الدهر. آمين.