عظة المطران منير خيرالله
في القداس السنوي لجمعية « لتكن مشيئتك»
الأحد 13/3/2016، في كاتدرائية مار اسطفان- البترون
نلتقي هذا العام، كما في كل عام، لنحتفل معاً بالذكرى الثامنة لتأسيس جمعية « لتكن مشئيتك»، ولنحتفل بمسيرتنا بالصوم ولنجدّد ايماننا في الاحد السادس من الصوم، أحد شفاء الاعمى. هذه الآية من آيات يسوع هي أمثولة لنا اليوم.
عندما كان يسوع مارّاً في أريحا وحوله جمع غفير من الناس قصدوه ليروا أعاجيبه. أما المفارقة فكانت بوجود شحاذ أعمى بين الحشود التي كانت محيطة به هو طيما ابن طيما الذي كان يعيش على هامش الطريق والمجتمع وكان معروفاً من الناس. كان ينتظر وصول يسوع بعد أن سمع بمجيئه وآمن أنه المخلص القادر على أن يعيد إليه البصر. فكان يصرخ ويزداد صراخاً ويناديه: يا ابن داود، ارحمني! وكان الناس يصرخون به ليسكتوه. إلى ان التفت اليه يسوع وترك كل من حوله وتوجّه اليه قائلاً: أدعوه! فوثب وجاء إلى يسوع وجثا أمامه. فسأله يسوع : ماذا تريد أن أصنع لك؟ فأجابه: ربّي أريد أن أبصر، أريد أن أبصر. فقال له يسوع: أبصر! إيمانك خلصك واذهب بسلام.هذا هو الإيمان.
هنا نرى أن الحشود التي كانت تحيط بيسوع مؤلفة من عميان، لأنهم لم يروا يسوع ولم يؤمنوا به. وحده هذا الأعمى رأى يسوع في العمق لأنه آمن به.
والناس اليوم، كما في أيام يسوع، يتهافتون وراء الآيات وينتظرون العجائب. أين نحن من إيماننا بيسوع وثقتنا به ؟ هل نؤمن به حقيقةً ؟ هل نؤمن أنه هو وحده الآية ؟ لكن إيماننا ضعيف، ويسوع يعرف ذلك. إنه يقوّينا ويقول لنا: لا تخافوا ! أنا معكم إلى منتهى الدهر.
منذ أربعين عاماً ونحن نعيش الحرب التي لا تنتهي؛ ولكن إلى متى؟ فنقول: نحن نصلي، ونحن أبناء الكنيسة وأبناء الله. لكننا عميان. أغمضنا عيوننا وأقفلنا آذانينا وقلوبنا، ولم نعد نسمع يسوع أو نراه، ولم نعد نشعر به بقلبنا و عاطفتنا، وابتعدنا عنه كثيراً. ولو كان عندنا الإيمان لكان يسوع قال لنا منذ زمن: إيمانكم خلّصكم.
نحن اليوم بحاجة لأن نجدد إيماننا وقد أصبحنا في آخر مسيرة الصوم. وهذه السنة هي سنة الرحمة. فهل سنعرف أن نتوب وأن نعود إلى ربنا وإلى ذواتنا؛ فهو لا يريد منا الا الإيمان وكل شيء في هذه الحياة غير ذلك لا قيمة له ويسوع هو وحده المخلص. هذا هو فعل التوبة والعودة إلى ذواتنا.
لطالما رددنا عبارة « لتكن مشيئتك»؛ ولكن هل نعيشها فعلاً؟ إنما نحن لسنا خائفين. يسوع لن يتركنا، بل سيقوينا. هو يقول لنا لقد حاولت أن أجمعكم كما الدجاجة تجمع فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا؛ لكن بيتكم لن يترك لكم دماراً. نعم لبنان هو أرض مقدسة وقفٌ لله وليست لنا، ولا أحد يملك فيها شيئا. لذلك ما زلنا ثابتين بفضل الذين مرّوا قبلنا على هذه الأرض وتقدسوا، وهم كثر. وكذلك الذين يتقدسون اليوم بفضل صليبهم الذي يحملونه مع يسوع. بفضلهم نحن باقون هنا وثابتون بإيماننا وبثقتنا بيسوع المسيح، وحده المعلم وحده المخلص. ونريد اليوم أن نتوجه إليه بالقول: يا يسوع نريد أن نجدّد إيماننا بك ونحن نتبعك إلى حيث تريد، إلى الصليب وبعد الصليب إلى الموت فإلى القيامة. هذا هو رجاؤنا. ومصيرنا ليس إلى الموت بل إلى الحياة. يسوع ينتظرنا ويجمعنا في مجد القيامة. وكلنا ثقة ورجاء بأننا سنعود أقوياء متضامنين وموّحدين لكي نعيد بناء دولتنا ومؤسساتنا ووطننا، لكي يبقى الوطن الرسالة ولكي نعيد بناء العيلة التي هي الأساس لأننا ببنائنا لعائلاتنا بشكل سليم وبتربيتنا لأجيالنا على القيم المسيحية والإنسانية سنربح التحدّي. آمين