كلمة المطران منير خيرالله
لكهنة الأبرشية يوم خميس الأسرار
24/3/2016
البابا فرنسيس يتوجه إلى الأساقفة
في عظة رسامة مطارنة سفراء بابويين. روما 19/3/2016
كما أرسل الله الآب ابنه يسوع المسيح إلى العالم ليفتدي البشر، أرسل يسوع بدوره رسله الاثني عشر إلى العالم لكي يحملوا، وهم ممتلئون من الروح القدس، بشارة الإنجيل إلى كل الشعوب ويجمعوهم تحت راية الراعي الأوحد ويقدّسوهم ويقودوهم إلى الخلاص.
ولكي تستمرّ خدمة رسالة المسيح الخلاصية من جيل إلى جيل، اتخذ الرسل مساعدين لهم ومنحوهم، بوضع الأيدي، موهبة الروح القدس بيسوع المسيح التي تمنح ملء سرّ الكهنوت. وبواسطتهم يستمّر العمل الخلاصي حتى يومنا.
يسوع المسيح الكاهن الأوحد والأبدي هو نفسه حاضر وسط شعبه من خلال الأسقف المحاط بكهنته.
هو المسيح نفسه، من خلال خدمة الأسقف، الذي يبشر بإنجيل الخلاص ويقدّس المؤمنين في أسرار الإيمان.
هو المسيح نفسه، من خلال أبوّة الأسقف، الذي يضيف أعضاء جدداً إلى جسده السرّي الذي هو الكنيسة.
هو المسيح نفسه، من خلال حكمة الأسقف وفطنته، الذي يقود شعب الله في مسيرة حجّ أرضيّ نحو السعادة الأبدية.
المسيح الذي يبشر، المسيح الذي يصنع الكنيسة ويُخصبها، المسيح الذي يقود شعبه: هذا هو الأسقف.
تذكّروا دوماً كلام المسيح: « من يقبلْكم يقبلْني، ومن ينكرَكم ينكرني؛ ومن ينكرني يُنكر الذي أرسلني».
أما أنتم اخوتي الأساقفة، ففكّروا أنه تمّ اختياركم من بين الناس ومن أجل الناس، وتلقّنتم الأمور التي تخصّ الله.
الأسقفية هي إذاً عنوانُ خدمة، لا عنوان شرف. لأنه مطلوب من الأسقف أن يخدم لا أن يتسلّط، تبعاً لوصية المسيح: الكبير فيكم فليكن لكم خادماً. كونوا خداماً للجميع، بدون استثناء ولا تمييز؛ كونوا دوماً خداماً ومستعدين للخدمة !
المهمة الأولى للأسقف هي الصلاة. لأنكم بالصلاة وبتقدمة القربان من أجل شعبكم تغرفون من كمال قداسة المسيح غنى النعمة الإلهية المتعددة الوجوه. وهذا ما قاله بطرس يوم اختيار الشمامسة السبعة.
المهمة الثانية هي إعلان كلمة الله.
وبعدهما تأتي المهمات الأخرى.
إتبعوا دوماً مثال الراعي الصالح الذي يعرف خرافه.
أحبّوا محبة الأب والأخ جميع من يأتمنكم عليهم الله.
إنه لمدعاةٌ للبكاء والحزن عندما نسمع أن كاهناً يطلب موعداً من مطرانه ويجيبه أمين السر: المطران مشغول ولا يستطيع أن يقابلك قبل ثلاثة أشهر!!!
لا تنسوا أن أول قريب للمطران هو كاهنه. وإذا كنت لا تحبّ قريبك الأول، فأنت غير قادر أن تحبّ جميع الناس.
إسهروا بمحبة على كل القطيع الذي أنتم مؤتمنون عليه بالروح القدس لتستطيعوا أن ترعوا كنيسة المسيح.
رسالة البطريرك الراعي- الرسالة الكهنوتية الخامسة، 24 آذار 2016
« فقد جعلتُ لكم من نفسي قدوةً» (يوحنا 13/15)
« خميس الأسرار هو عيد سرّ كهنوتنا النابع من سرّ القربان، وقد أسّسهما الرب يسوع في مثل هذا اليوم المقدس، في ذلك العشاء الأخير، ليلة آلامه وموته».
إنه عيد تجديد عهد الكهنوت الذي قطعناه على أنفسنا يوم رسامتنا المقدسة، مع المسيح الكاهن الأوحد والأبدي وراعي الرعاة الذي ائتمننا على مواصلة رسالة الفداء الخلاصية، باسمه وبشخصه، وقال لنا في تلك الليلة في ذروة محبته وتواضعه: « لقد جعلت لكم من نفسي قدوةً (يوحنا 13/15). إنه قدوة في محبته التي بلغت ذروتها في بذل ذاته كاملة بموته على الصليب من أجل فداء العالم (راجع يو 3/16 و13/1)؛ وقدوة في تواضعه إذ قام يغسل أرجل تلاميذه (يو 13/4-11).
كهنوتنا هو إذاً سعيٌ دائم إلى الاقتداء بالمسيح الكاهن الذي نحدّد هويته الكهنوتية بثلاث صفات: الطاعة لأبيه، بذل الذات في سبيل الاخوة، التواضع والوداعة.
1- الطاعة لأبيه:
« أنا لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الذي أرسلني» (يو 5/30).
« طعامي أن أصنع مشيئة الآب الذي أرسلني» (يو 4/34).
« يا أبتِ إن شئت فأبعدْ عني هذه الكأس. لكن لتكن مشيئتك لا مشيئتي» (لوقا 22/42).
2- بذل الذات في سبيل الأخوة:
« تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونها، وأن عظماءها يتسلّطون عليها. فلا يكن هذا فيكم. بل من أراد أن يكون عظيماً فليكن لكم خادماً. ومن أراد أن يكون الأول فيكم، فليكن لكم عبداً. هكذا ابن الإنسان جاء ليَخدم لا ليُخدم، ويبذل ذاته فداءً عن الكثيرين» (متى 20/25-28).
يقول القديس بطرس: « إرعوا رعية الله التي أوكلت إليكم، واحرسوها طوعاً لا كرهاً، لوجه الله، لا رغبة في مكسب خسيس، بل بحماسة. ولا تتسلّطوا على الذين هم في عنايتكم، بل كونوا قدوةً للرعية». (1 بطرس 5/1-4).
3- التواضع والوداعة:
لا يجد الكاهن سلامه الداخلي إلاّ إذا اتّصف بميزتي الرب يسوع: التواضع والوداعة. « تعالوا إليّ... وتعلّموا مني: إني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحةً لنقوسكم» (متى 11/29).
وكم نحن في حاجة إلى روحانية كهنوتية تنعش نفوسنا وتسمو بها إلى قمم الروح. إنها الروحانية النسكية التي وضعها مار مارون في التجرّد والزهد بأمور الدنيا، والصلاة والسهر والابتهال إلى الله.
يوصي المجمع البطريركي الماروني الكهنة بأن يعمّقوا حياتهم الروحية بالاحتفال اليومي بالافخارستيا غذائهم الروحي، وبالمثابرة على قراءة الكتب المقدسة والصلاة الفردية والجماعية مع أبناء الرعية، ولا سيما صلاة الفرض الإلهي» (النص 7، العدد 23).