زيارة الأماكن الدينية التاريخية في منطقة تنورين 15-10-2016

 

لجنة الثقافة والتراث والسياحة الدينية في أبرشية البترون المارونية.

المَسار الثالث: زيارة الأماكن الدِّينية التاريخية في منطقة تنورين.

239 

تحتضن تنورين في كَنَفها عددًا من البلدات والمزارع المنثورة في ثنايا جبالها والأودية، وترتاحُ مُستَلْقية على كتف قضاء البترون كلؤلؤة مُرَصَّعة، تجمع بين تاريخ مجيد وتراث أصيل وغنى الثقافة ومتعة السياحة وكلُّ ما يَمُتُّ إلى روعة الجمال بِصِلة. وتذخر تنورين بالآثار اليونانية والرُّومانية والبيزنطية والصَّليبية القديمة، وهي تضمُّ في فسيح أرجائها زهاء خمسين مقامًا دينيًّا، بين دير وكنيسة ومحبسة. وهذا ما حمل لجنة ”الثقافة والتراث والسياحة الدينية“ في أبرشية البترون المارونية على تخصيص”مسارها الثالث“لِلقيام بِجَولة على أهمِّ المعالم الدينية، الأثرية والتاريخية، في منطقةتنورين، بغية استكشاف ما تختزنه من كنائسوآثار مارونية عريقة، وكان ذلك يوم السبت في 15/10/2016 ابتداءً من السَّاعة التاسعة صباحًا إلى السَّاعة الثانية بعد الظهر.

بدأت الجولة بزيارة إلى كنيسة مار شليطا مرورًا ببيت كاهن الرَّعية وكنيسة سيِّدة الانتقال الرِّعائية، وسط تنورين الفوقا، ومنها صعودًا إلى كنيستي سيِّدة حريصا في جُرد البلدة، وصولاًإلى كنيستي السَيِّدة ومار مخايل في عين الرَّاحة،عبر وادي الفوَّار وغابة أرز تنورين، وانتهاءً بكنيستَي السَيِّدة ومار أنطونيوس في تنورين التحتا، بمسافة طولها 25 كلم تقريبًا. وقد شارك فيها، كلٌّ من: راعي الأبرشية سيادة المطران منير خيرالله، خادم رعيَّة تنورين الفوقا الخوري بيار طانيوس وأعضاء اللجنة السَّادة: الأب يوسف متى، د. سعاد نجم، د. كورين يزبك، د. جوزيف شليطا، المحامي نبيل طوبيَّا، المهندس بيار سلُّوم، د. بشير أبي سلُّوم، والقاضي بسَّام وهبه(رعيدي) الذي تولَّى تنظيم هذه الجولةوتحديد الأماكن والمحطات الدِّينية الواجب التوقف عندها في المَسار الثالث، على الشكل التالي:

•المحطة الأولى:في تنورين الفوقا.

1. كنيسة مار شليطا الأثرية.

تقع هذه الكنيسة على قارعة الطريق العام، وسط تنورين الفوقا، وهي الأقدم عهدًا في البلدة.وتشير المعلومات المتوفرة لدينا، إلى أن كنيسة مار شليطا شكَّلت في الماضي البعيد جزءًا من دير متكامل، شُيِّدَ على أنقاض معبد وثني قديم في أواخر العهد الصَّليبي (1289+) عندما لاذ كثيرون منهم لاجئين إلى جبال لبنان المنيعة، ومنها تنورين، وعمدوا مع الوقت إلى تشييد الكنائس ودور العبادة.

بُنيَت الكنيسة على ٱسم القديس شليطا الشهيد، وهي صغيرة الحجم نسبيًّا، مربَّعة الشكل وغليظة الجدران. يبلغ طولها 12,20 مترًا، وعرضها 10,25 مترًا، وارتفاعها من الخارج 5,30 مترًا، ومن الداخل 4,80 مترًا، ضمنها إفريز (Corniche) ارتفاعه 2,40 مترًا. يتميَّز البناء بانخفاض مستوى بابَيْه اللذين يقودان الزَّائر إلى صَحْنِ الكنيسة المؤلَّف من سُوقَيْن متوازيَين، يفصل بينهما عمودٌ ضخمٌ يزيد محيطه عن ثلاثة أمتار وتتكِئُ عليه حنيَّات السَّقف المعقود من الجهات الأربع، على شكل صليب، وينتهي البناء بحَنيَّتَين تغمران مذبحَيْ الكنيسة بكل رفق وحنان. أما قبَّة الجرس، فقد أضيفت إلى البناء في القرن الثامن عشر، ثم جرى هدمها بعد أن تداعَت وعاب بُنيانها، فأعيد تشييدها على أيدي المعلم يوسف وهبه رعيدي وولديه جرجس وأنطونيوس في سنة 1941.

تحتوي كنيسة مار شليطا على مجموعة من النقوش والزخارف تُمَثِّلُ ورودًا وصُلبانًا متنوِّعة الأشكال والمعاني، ونجومًا مُسَدَّسة الرؤوس ومُسَبَّعة ومثمَّنة تُزَيِّن حنيَّتَي الكنيسة في الوسط ومن على الجانبَيْن. ففي الحنيَّتَين نقشٌ على شكل وردة، يعلوها صليبٌ معروف بصَليب اللُّورين وتحتها صليبٌ آخر يوناني. وتظهر في العمود الوَسَطي كُوَّة، تحوي زخارف مختلفة وفي أسفلها نقوشٌ تمثل نجمة داود المُسَدَّسة والصَّليب اليوناني، المتساوي الفروع، والصَّليب المالطي، وسواها من النقوش الأخرى. أما بالنسبة للرُّسوم التصويرية، فأهمُّها لوحة زيتية فريدة تجمع أيقونات أربع لكلٍّ من مار شليطا والسَّيِّدة العذراء ومار جرجس والطفل يسوع، بالإضافة إلى لوحة مار جرجس الشهيرة.

وعلى يمين الكنيسة، تقع مدافن تنورين الفوقا القديمة قبل نقلها بعيدًا عن منازل الأهلين، عام 1938، التي تختزن في حجارة قوسها المعقود خفايا هذا المكان العتيق وأسراره. مع الإشارة هنا، إلى أن كنيسة مار شليطا تأوي رُفات كهنة رعيَّة تنورين الأقدمين، وكان آخرهم الخوري بولس يونس عام 1967. كما نشير إلى أنه خلال الحفريات التي جرت في المدافن القديمة، عام 2000، عُثر على منحوتاتٍ أثرية قديمة العهد، منها تمثالَيْن نصفيَّيَن: الأول لرجل، تَعَرَّض وجهُهُ للتهشيم، والثاني لامرأة، وهو متقنُ النَّحت بالغ الوضوح بديع المنظر. أمَّا الجُرن الموجود أمام الكنيسة، فيعود تاريخه إلى زمن الوثنيِّين وهو من بقايا الحفريات التي جرت قديمًا في المكان.

2.كنيسة سيِّدة الانتقال الرِّعائية الكبرى.

تتربَّع كنيسة سيِّدة الانتقال مرتاحة على عرشها المَصُون، وسط بلدة تنورين الفوقا، تحيط بها منازل أهالي البلدة من جميع الجهات، وتتألَّق متباهيةً بضخامة بنائها وجمال نقوشها وارتفاعها المَهيب. بُنيت كنيسة سيِّدة الانتقال الحالية على مقربة من كنيسة أثرية قديمة، للسَّيدة العذراء أيضًا، لكنها دُكَّت وهُدِمَت بالكامل، في سنة 1912، واستُخدمت حجارتها في استكمال بناء الكنيسة الجديدة. وقد اعتنى ببناء هذه الكنيسةأهالي بلدة تنورين مجتمعين، كبيرُهم والصَّغير، غنيُّهم والفقير، تحت إشراف الكهنة وكلاء الوقف، وهم على التوالي: الخوري عبد الأحد رعيدي، الخوري نعمة الله كرم والخوري بولس مراد، وذلك على مدى خمسين سنة (1871-1921). وفي منتصف ثمانينيَّات القرن العشرين، أَضاف المونسنيور يوسف مرعب حرب إليها واجهة أمامية فخمة، فاكتمل البُنيان على ما هو عليه اليوم.

يبلغ طول بناء الكنيسة مع القبَّة أربعون مترًا، وبدونها ثلاثة وثلاثون مترًا، وعرضه واحدٌ وعشرون مترًا وعلوُّ السَّقف خمسة عشر مترًا وعلوُّ تكنة القرميد (السَّطح) عشرة أمتار، أما ارتفاع الكنيسة الإجمالي فهو بحدود خمسة وعشرين مترًا. ويروي بعض شيوخ البلدة، أن عدد حجارة كلِّ مدماكٍ من مداميك الكنيسة، في امتداده من الجهات الأربع، داخلاً وخارجًا، يبلغ ألف حجر، وهو رقمٌ قريب من الواقع نِسْبَةً إلى مقاسات الكنيسة وأبعادها وحجم الحجارة المستعملة فيها. وتضمُّ الكنيسة ثلاثة مداخل: شرقي، غربي وجنوبي.وفوق المدخل الشرقي نُقِشَت هذه العبارة: ”أنا هي معونة المسافرين“، وكان يعلوها تمثالٌ منحوت للسَّيدة العذراء والطِّفل يسوع، لكنه وقع وتحطَّم، فاستُعيض عنه بنقشٍيُمثل وجه العذراءللنَّحَّات نايف علوان، من أَيْطو.أما حول الباب الرئيس وسائر الأبواب وضمن الجدران الخارجية، فهناك زخرف حجري بالغ الإتقان. وتجد على الواجهة الشرقية للكنيسة، اثني عشر نقشًا تحمل أسماء المتبرِّعين ببناء المداميك، بالإضافة إلى نقشَيْن آخَرَيْن في الواجهة الغربية.

أما صحن الكنيسة، فهو مؤلَّفٌ من ثلاثة أسواق رحبة فسيحة، يفصلها صفَّان من الأعمدة السَّماقية المستديرة الباسقة، التي تتكئ عليها تكنة القرميد الخشبية على شكل عُقود مصالبة. ويضمُّ الجدار الشمالي الداخلي للكنيسة ثلاث قناطر عالية، أكبرها القنطرة الوسطى، التي يتقدَّمها مذبحٌ رخاميٌّ أبيض كبير، استقدم من إيطاليا، ويعلوها صليبٌ يحمل تمثال المسيح الفادي ويتوسطهارسمٌ يُمثل السَّيدة العذراء المنتقلة إلى السَّماء، وهي شبيهة بصورة سيِّدة الانتقال الموجودة في كنيسة دير سيِّدة ميفوق، من عمل الفنان الإيطالي كوستي (COSTI). ونُصِبَ على جانبَيْ المذبح الكبير مذبَحَان آخرَان: الأَيمن على ٱسم قلب يسوع الأقدس والأَيسر على ٱسم القديس يوسف البتول. كذلك، تحتوي كنيسة سيِّدة الانتقال على عدد من الكتب الطقسية باللغتين السُّريانية والعربية، نَسَخَها داود خليفة من بزعون في سنَتَي 1843 و1853، وتبتدئ سجلات العماد والتثبيت والزواج فيها من سنة 1890، أمَّا السِّجلات القديمة فهي مفقودة.

• المحطة الثانية: منطقة حريصا في جرد تنورين.

وهي تضمُّ ثلاث كنائس على اسم سيِّدة حريصا:

1. سيِّدة حريصا الأولى أو القديمة.

تقع في منطقة ”الحريصا“، فوق الطريق العام الواصل من تنورين الفوقا إلى حدث الجبة، على بعد تسعة كيلومترات من تنورين الفوقا. أصبَحَت اليوم أثرًا بعد عَين، إذ لم يَبْقَ منها سوى حنيَّة المذبح وبعض الحجارة المبعثرة حول الموقع، مطمورة تحت طبقة من التراب وأجمَّة الطيُّون والأعشاب البريَّة. يروي التقليد التنوري أنها أحرقت وهُدمت، بحدود عام 1765، إثر تعرُّضها لِغارة مباغتة شنَّـتها مجموعة من المُسَلَّحين قادمة من منطقةالهرمل عبر الجُرد العالي. إذ أطبق المهاجمون على المُصَلِّين في الكنيسة، فقتل منهم من قتل، وفرَّ الناجون إلى المناطق البعيدة، وقد وصل نفرٌ منهم إلى نواحي درعون في كسروان حاملين معهم أيقونة السيِّدة العذراء، وكان معظمهم من عائلة ”يونس“ التنورية حيث ابتنوا لهم كنيسة على ٱسم سيِّدة حريصا، فدُعيت المنطقة مُذَّاك بهذا الاسم ”حريصا“، التي غَدَت في ما بعد سيِّدة لبنان. وقد شهدت درعون –حريصا بناء معبد سيِّدة لبنان في العام 1904،في مكان يقع على تلة حريصايُعرف بٱسم الصَّخرة وكان ملكًا لِفرنسيس يعقوب يونس.

وقد جاء عن بلدة درعون في المرجع: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة (ar.wikipedia.org)، ما يلي: في بادئ الأمر،كانت حريصا حيًّا من بلدة درعون استوطنها شخصٌ من آل يونس نزح مع عائلته من بلدة تحمل التسمية نفسها، وهي حريصا في تنورين (شمال لبنان) واشترى عقارات شاسعة في منطقة درعون، حيث استقرَّ وعاش مع عائلته التي كبرت وتوسَّعت، فأخذ أهالي المناطق المجاورة يُطلقون عليهم اسم:أهالي حريصا، وبعد مسح الأراضي عُرفت المنطقة المحاذية لدرعون بهذاالاسم.

2. كنيسة سيِّدة حريصا الثانية أو التحتا.

تقوم حاليًا على بعد كيلومتر واحد، غربي الكنيسة القديمة، كنيسة أخرى تحمل الاسم عينه ”سيِّدة حريصا“. وكان قد ابتناها الخوري جرجس سركيس سمعان مرعب حرب عام 1880، يوم انتقل مع بعض الأقارب والأتباع للإقامة في أطراف الحريصا، لمدَّة سبع عشرة سنة كاملة، في ما بات يُعرف مذَّاك بٱسم منطقة”الحُرِّية“. وتتصدَّر الكنيسة أيقونة قديمة للعذراء مريم حاملةً الطِّفل يسوع، وهي من طراز فنِّي نادر، وقد تُوِّجَت الكنيسة بالقرميد الأحمر، كما أضيف إليها عام 2009 قبَّة للجرس.

3. كنيسة سيِّدة حريصا الثالثة أو الجديدة.

تقع فوق الطريق العام على مقربة من أطلال كنيسة سيِّدة حريصا القديمة، وهي حديثة العهد، يعود بناؤها إلى منتصف القرن العشرين تقريبًا.

• المحطة الثالثة: كنائس عين الرَّاحة.

        تشير المعلومات المتوفرة لدينا أنه جرى تبشير سُكانمنطقة عين الرَّاحة بالدِّيانة المسيحيةعلى أيدي النُّسَّاك والرُّهبان الأنطاكيِّين،من أتباع القديس مارون وابراهيم القورشي وتلاميذ سمعان العامودي،بالتزامن مع وادي أفقا والعاقورة وواديَي قاديشا وقنوبين، وبالطريقة عينها، إذ انتقلوا من العاصي إلى سفوح جبل لبنان عبر طريق الشام التي ما تزال معروفة ﺒ سكة الشام حتى اليوم. ففي ”وادي النُّمُورة – عين الرَّاحة“،تلك المنطقة الوعرة والنائية عن أَعيُن الغزاة والمضطهِدين، بزغ فجر الإيمان المسيحي في تنورين، ونستَدِلُّ على ذلك، من وجود نحو أربعة عشر ديرًا وكنيسة وصومعة في هذه القرية الوادعة المتواضعة، أَقدَمُها كنيسة السَّيدة وكنائس مار مخايل ومار جرجس ومار بطرس... .

1. كنيسة السَّيدة - عين الرَّاحة الفوقا.

        يعود بناء هذه الكنيسة، كما ذكر الأب يوحنا صادر الأنطوني، إلى ما قبل القرن السَّابع الميلادي. وهي صغيرة الحجم، تتألف من رواق واحد مسقوف بالعقد السَّريري العادي ولها مدخل لناحية الغرب مع كُوَّة مقابلة شرقية فوق المذبح. حافظت الكنيسة على بنيانها القديم لِحين ترميمها، في نهاية سبعينيات القرن العشرين، حيث تغيَّرت معالمها بعد تتويجها بالقرميد الأحمر وبناء قبَّة إسمنتية بجانبها تحمل الجرس، فبَدَت على ما هي عليه الآن. وإليكم ما أورَده الأب يوحنا صادر، بهذا الصَّدد، في كتابه القيِّم ”الصُّلبان والرُّموز في الفن الماروني القديم“، 1989، صفحة 133:

          «Nous avons visité déjà la chapelle de Notre – Dame en 1953. Elle était alors dans son état primitif et n’avait encore subi aucune restauration. En 1987, nous avons trouvé la chapelle restaurée par les habitants, et embellie à l’intérieur. Nous n’y avons remarqué par conséquent aucune trace de symbole ou de graffiti, ni sur les façades extérieures ni sur les murs intérieurs. Des enfants curieux nous entouraient et chacun, en verve, racontait rapidement une des traditions qu’il avait apprise, sur l’histoire de la chapelle. Curieux d’en apprendre d’avantage, nous leurs avons demandé, s’il avaient vu par hasard autour de l’église une croix ou tout autre motif, relatif au sanctuaire.

Alors un des enfants, plein d’enthousiasme, nous désigna une croix à peine visible, gravée sur une pierre de texture sablonneuse incrustée juste derrière l’église, dans le mur qui longe le sentier amenant aux cabanes des cultivateurs, vivant au fond de la vallée.

C’était vraiment notre objectif. Il s’agissait en effet, d’une croix à branches égales mesurant 25 cm, altérée, ainsi que la pierre sur laquelle elle est gravée, par la pluie et l’humidité. Avant la restauration du sanctuaire, la pierre gisait parmi les débris étalés sur un talus, au nord de l’église. Hors de la construction du mur, la pierre a été utilisée parmi bien d’autres, comme matériaux de construction. La croix, à notre connaissance, devait être beaucoup plus ancienne que le sanctuaire qui remontait au VII siècle, les bouts altérés de ses branches ne permettent pas d’en saisir la forme originelle, ni par conséquent de juger de sa date.  Néanmoins, les petites chapelles de Saint Georges, de Saint Michel et de Saint Pierre parsemées dans la vallée ou sur les flancs, nous permettent d’affirmer que des anachorètes avaient vécu dans cette vallée et dans le voisinage de ces chapelles qui dès le VIème siècleétaient déjà devenues des lieux de pélerinage«.

2. كنيسة مار مخايل.

تربض على رَبوة تطلُّ على وادي عين الرَّاحة، وسط أشجار السِّنديان، وهي كُلُّ ما تبقى من دير قديم بُني على ٱسم القديس ميخائيل. تألف الدير ماضيًا من أبنية عدَّة متلاصقة، وقد تهدَّم اليوم القسم الأكبر منه، باستثناء كـنيسة الدَّير التي ما زالت صامدة في وجه الزَّمان. بُنيَت الكنيسة بالحجارة، وهي ذات سقفٍ معقود، بابها ضيِّق العرض (80 سم) قليل الارتفاع (120 سم). وقديمًا، لجأ إلى دير مار مخايل عددٌ من البطاركة الموارنة، يوم تعرَّضوا للاضطهاد والمضايقات على أيدي العثمانيِّين وأعوانهم، فنزحوا من مراكزهم في وادي قنوبين إلى مناطق لبنانية أخرى، مُعَرِّجين على وادي عين الرَّاحة، ونذكر منهم: البطريرك جرجس عميرة (1633-1644) والبطريرك اسطفان الدويهي (1670-1704) والبطريرك سمعان عوَّاد (1742-1756).

• المحطة الرابعة:كنيستان متلاصقتان، مار أنطونيوس والسَّيدة في تنورين التحتا.

تقع هاتان الكنيستان على قارعة الطريق النازل من عين الرَّاحة إلى تنورين التحتا، على ضفَّة النهر، ولِكُلٍّ منهما مدخل جنوبي غربي مستقلٍّ عن الآخر. يزيد طول كنيسة مار أنطونيوس ثلاثة أمتار عن كنيسة السَّيدة، وهما تتساويان عرضًا، ويتألف سقفهما من عقدَيْن سريريَّيْن، يرتكزان في الوسط على حائط عريض مشترك مصنوع من الحجارة والكَلِّين. ويتخلَّل هذا الحائط بابان اثنان بقياس متر واحد عرضًا و130 سم ارتفاعًا، مما يسمح لِرُوَّاد الكنيستين بالتنقل من الواحدة إلى الأخرى.

يقول أهل الاختصاص، أن كنيسة السَّيدة هي أقدم عهدًا منكنيسة مار أنطونيوس ويرجع تاريخ بنائها إلى القرن السَّابع أو الثامن الميلادي، ويظهر ذلك من نوعية الحجارة وضخامة حجمها وأسلوب بناء كلٍّ منهما. وإن ظاهرة تلاصق الكنيستَيْن وحيدة في تنورين ونادرة في لبنان، وإذا ما قارناها مع حالة مشابهة في قرية حردين، لأَمكَننا القول أن هاتَيْن الكنيستَيْن ربَّما تعودان للطائفتين السُّـريانيَّتَيْن المارونية واليعقوبية اللتَيْن تعايشتا ردحًا من الزَّمن، إلا أنه ليس هناك دليلٌ قاطع على هذا الاستنتاج.

       

مع تحيَّات القاضي بسَّام وهبه

تنورين في 25/10/2016

Photo Gallery