عظة المطران منير خيرالله
في قداس الجمعية العمومية السنوية لجمعية كشافة لبنان
مدرسة الفرير- الشانفيل- ديك المحدي
الأحد 25/10/2020
« أسال الله أن ينير بصائر قلوبكم» (أفسس 1/18).
إخوتي الكهنة المرشدين،
أحبائي جميعًا، قادةً وكشافة في جمعية كشافة لبنان.
فرحتنا كبيرة أن نلتقي اليوم في الجمعية العمومية السنوية بالرغم من الأوضاع المتأزمة والخانقة التي نمرّ بها في لبنان، لكي نقتبس من جديد، من المسيح النور، نورًا لنا في التزامنا في حياتنا الكشفية والاجتماعية والمسيحية.
أن ينير الرب بصائر قلوبنا: هذا هو موضوعنا للسنة 2020-2021.
في إنجيل يوحنا يقول لنا يسوع: « آمنوا بالنور ما دام لكم النور لتصيروا أبناء النور. النور باقٍ معكم زمنًا قليلاً. أمشوا في النور ما دام لكم النور... أنا جئت إلى العالم نورًا». (يوحنا 12/35-36 و46).
النور المنبثق من المسيح، أن نقتبس منه ليصبح كل واحد منا نورًا. « أنا نور العالم» قال يسوع، ثم أضاف: « أنتم نور العالم».
نطلب من الرب يسوع أن ينير بصائر قلوبنا، حتى تنظر وترى قلوبُنا ما يحدث حولنا وتشعر مع الذين يحتاجون إلى النور، ونقرأ الأحداث في ضوء نور المسيح.
نذكر تلميذي عماوس بعد القيامة كيف كانا يسيران معًا نازلين من أورشليم إلى عماوس وهما مكتئبان يائسان من أن يسوع لم يقم بعد كما كان قد وعد. بينما يسوع كان يسير معهما ويكلّمهما، « لكن أعينهما حُجبت عن معرفته» (لوقا 24/20) لأن قلبيهما كانا مقفلين بسبب الخوف. أعينهما منقتحتان لكنهما لم يعرفا يسوع، لأن البصيرة كانت محجوبة عن المعرفة. والخوف يشلّ الإنسان، فلا يعود يرى ولا يسمع ولا يتحرّك. بينما يسوع يأتي ليحرّره من الخوف.
وعندما دخل يسوع معهما إلى البيت وبارك وكسر الخبز، « انفتحت أعينهما فعرفاه، فتوارى عنهما» (لوقا 24/31).
هذه العلامة حرّرتهما فانتقلا إلى حرية أبناء الله.
يقول القديس بطرس في رسالته مردّدًا ما كان يقوله يسوع: « لا تخافوا ولا تضطربوا. قدّسوا الرب يسوع في قلوبكم لتدركوا ما هو الرجاء الذي تنطوي عليه دعوتُه» (1 بطرس 3/15).
يسوع كان يردّد لتلاميذه الخائفين: « لا تخافوا! أنا معكم حتى منتهى الدهر»، « لا تخافوا أنا غلبتُ العالم».
ويتابع بطرس قوله:
« إنكم لتحسنون عملاً إذا نظرتم إلى كلام الرب نظركم إلى السراج الذي يضيء في مكان مظلم، حتى يطلع الفجر ويشرق كوكب الصبح في قلوبكم» (2 بطرس 1/19).
عندنا مثلٌ في لبنان يقول: « لا تلعنْ الظلمة بل أضئ شمعة حيث أنت».
نحن الكشافة تربّيينا في المدرسة الكشفية على الحراسة في الليل حاملين سراجنا، حتى يطلع الفجر ويشرق كوكب الصباح في قلوبنا. أذكر لما كنت صغيرًا، كنت أحمل قنديلي لأحرس في ظلمة الليل.
وكوكبُ الصباح هو المسيح نور العالم.
فلنتذكّرْ مثَلَ العذاري الحكيمات، دائمًا مستعدات، حتى إذا جاء العريس كنّ مستعدات للدخول معه إلى العرس (متى 25/1-13).
ونحن الكشافة دومًا مستعدون حاملون قناديلنا المضاءة. دعوتنا أن نكون دومًا مستعدين.
واقعنا المأساوي في لبنان، الذي يتجلّى في الأزمات المتراكمة، الاقتصادسة والاجتماعية والمعيشية والسياسية، ووباء كورونا، وانفجار مرفأ بيروت... ظلمةٌ من حولنا تجعلنا نستسلم لليأس. فنترك مصابيحنا على الأرض ونذهب إلى بلاد بعيدة نفتش فيها عن عيش حرٍّ كريم.
بينما نحن مدعوون إلى البقاء هنا ومصابيحُنا مشتعلة نضيء في الظلمة ونشهد للرجاء بيسوع المسيح، الذي يقول لنا: لا تخافوا أنا غلبت العالم!
مسؤوليتنا كبيرة وخطيرة. مطلوب منا أن نبقى ثابتين في إيماننا وفي رسالتنا، وأن نرفض الظلم والإفقار الذي دفعنا إليهما المسؤولون عندنا.
دورنا نحن كشافة لبنان أن نشهد لإخوتنا الشباب والصبايا أن المسيح ينير بصائر قلوبنا، وأننا نحبّنهم كما يحبّهم يسوع.
إذا حمل كل واحد منا قنديله، ومعًا نضيء في ظلمة لبنان، يبقى لبنان، الذي وَعَدْنا أن نخدمه بإخلاص، كما نخدم الله والكنيسة.
يا كشافة لبنان أنتم حرّاس لبنان ودومًا مستعدون لخدمته ليبقى وطنَ الرسالة، رسالة المحبة والحرية والكرامة والانفتاح واحترام الإنسان والعيش الواحد في تعدّدية الانتماءات الدينية والطائفية والسياسية والثقافية.
لبنان باقٍ بفضلكم رسالةً للعالم والمسيحُ نوره. آمين.