عظة المطران خيرالله
في قداس الزيارة الراعوية لرعية الفتاحات
اثنين الفصح أول نيسان 2013، في كنيسة مار جرجس
« سلّمت إليكم قبل كل شيء ما تسلّمته أنا أيضاً» (1 قور 15/3).
حضرة الخوري بطرس (الحكيّم) عميدنا وأبانا،
حضرة الخوري مارون (فرح) خادم هذه الرعية الحبيبة،
أحبائي جميعاً، أبناء وبنات الفتاحات.
فرحتي كبيرة أن أكون معكم اليوم، يوم تهنئة مريم العذراء بقيامة إبنها يسوع المسيح من بين الأموات. وهذه مناسبة عزيزة على قلوبنا كما كانت عزيزة على قلوب آبائنا وأجدادنا الذين أرادوا أن يميّزوا مريم بعيد تهنئتها بقيامة إبنها يسوع كما بولادته. لأن مريم لها دور كبير في مسيرة إبنها الخلاصية وفي مسيرة كنيستنا وتاريخ شعبنا.
لذلك اخترت هذا اليوم لأكون معكم في زيارتي الراعوية الأولى لنهنئ معاً مريم ونقول لها: إفرحي يا مريم والدة الإله، لأن ابنك يسوع هو ربّ الحياة ويدعونا جميعاً معه إلى مجد القيامة.
إنها الدعوة التي علينا أن نلبّيها ونقول مثل مريم: ها أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك. وأن نتمّم إرادة الله في حياتنا.
وما أريد أن أتوقف عليه معكم في تأملي ينطلق من قول القديس بولس في رسالته إلى أهل قونتس: « أنا أسلّم إليكم ما تسلّمته». الإيمان الذي تسلّمه مار بولس من الكنيسة ونقرأه في الأناجيل وكتاب أعمال الرسل، سلّمه مار بولس بوفاء وأمانة وإخلاص إلى الكنيسة، عبر الكنائس التي أسسها والتي بشّر فيها.
وهذا الإيمان وصل إلينا بعد ألفي سنة، لأن الذين نقلوه كانوا أمينين وأوفياء ومخلصين، وعلينا نحن بدورنا أن ننقله إلى الأجيال الآتية وهم يتابعون حمل رسالتهم في هذه الأرض المقدسة.
لاحظنا في الإنجيل الذي يخبرنا فيه مرقس أن يسوع قام وظهر لمريم المجدلية وللرسل وبقوا غير مصدّقين وغير مؤمنين. وعندما أتت مريم لتخبرهم «كانوا ينوحون ويبكون»، يقول مرقس (16/9). يبكون لأنهم يعتبرون أن خسارتهم كبيرة بموت يسوع، وأن يسوع المخلّص مات ودفن وانتهى كل شيء. كانوا لا يزالون يعيشون في الخوف على مصيرهم وكأن كل شيء انتهى. «فوبّخهم يسوع على قلة إيمانهم وقساوة قلوبهم» (مرقس 16/14).
لا، لم ينتهِ شيء. وسرّ موت وقيامة يسوع المسيح كان البداية لا النهاية. بداية حياة الكنيسة وعيش الإيمان بالله، الآب والإبن والروح القدس. لكن الرسل بقوا في العليّة خائفين يائسين إلى أن حلّ عليهم الروح الذي أرسله الإبن من عند الآب، فشجعهم وأطلقهم ليعلنوا بشرى الخلاص في العالم كله. والكنيسة لا زالت منذ ذلك الحين، وستبقى، كنيسة المسيح التي بُنيت على صخرة الإيمان، إيمان بطرس والرسل.
واليوم أيضاً نحن نريد أن نعيش هذا الإيمان في كنيستنا وأن نبقى ثابتين فيه وأن ننقله إلى غيرنا.
نحن في أبرشية البترون نعيش في نعمة عظيمة على أرض القداسة والقديسين. أعطانا الله نعمة مميّزة، أن يكون آباؤنا وأجدادنا قديسين. أعطانا قديسين كثيرين، المعلنين رسمياً في الكنيسة وغير المعلنين. لأن من يعيش على هذه الأرض لا يستطيع إلا أن يكون قديساً.
نشكر الله على هذه النعمة ونقدّرها ونعيش بموجبها.
وأخيراً علينا أن نتحمّل مسؤولية أن تبقى هذه النعمة موجودة في عائلاتنا وعلى أرضنا.
فلنرفع صلواتنا من أجل أهل هذه الرعية، الحاضرين والغائبين والمنتشرين في العالم، ونطلب من الرب يسوع القائم من الموت، بشفاعة أمه وأمنا مريم ومار جرجس وجميع قديسينا، أن يبارك خطواتنا في مسيرة إعلان بشرى الخلاص والشهادة للمسيح القائم من الموت والحاضر معنا حتى منتهى الدهور. المسيح قام حقاً قام. آمين.