عظة المطران منير خيرالله
في قداس منتصف الليل- أحد القيامة
الأحد 31 آذار 2013، في كنيسة سيدة الإنتقال- تنورين التحتا
« من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟» (مرقس 16/ )
إخوتي الكهنة الأحباء أبونا اغناطيوس وأبونا بطرس،
أحبائي جميعاً.
بفرح كبير وبرجاء نحتفل معاً بقيامة الرب يسوع. ونحن أيضا يحق لنا ان نتساءل مع النساء اللواتي أتين باكراً الى القبر وهن يحملن الحنوط لتحنيط جسد يسوع، وهمّهنّ الوحيد أن يحافظن عليه ويبقى معهن، وكان سؤالهن الكبير: من يدحرج لنا الحجر؟ سؤال يطرح لأن الحجر كبير وهن نساء. هذا كان الهم الوحيد بالنسبة اليهن، أن يحافظن على جسد يسوع الميت. وكما كان قبلهن بقليل الأحبار والفريسيون الذي أتوا الى بيلاطس يقولون له: نحن نريد حراساً لحراسة القبر لأننا تذكرنا أن يسوع قال وهو حي إنه سيموت على الصليب وفي اليوم الثالث سيقوم. نريد حراساً يحرسون القبر جيداً كي لا يأتي الرسل والتلاميذ ويسرقوه في الليل ويقولوا للناس إنه قام من بين الأموات.
أنظروا أين هو همهم، بينما يسوع كان أصبح في مكان آخر. والعلامة كانت أن النساء وصلن الى القبر وفوجئن بأنه فارغ والحجر قد دُحرج. لم يجدن أحداً في الداخل، بل هناك ملاك بلباس أبيض قال لهنّ: أنتن تطلبن يسوع الناصري؟ جئتن تطلبن الحي بين الاموات؟ فهو قد قام وليس هنا وأنتن مخطئات فيما تفتشن عنه في هذا المكان، لقد سبقكن، فاذهبن إذاً وأخبرن الرسل أنه ينتظرهم في الجليل حيث أعطاهم موعداً. لا تفتشن عنه بين الأموات. كذلك حراس القبر فوجئوا بقيامة يسوع مع أنهم كانوا يحرسون القبر بشكل متقن وبلباسهم الكامل بينما يسوع قام بنور عظيم. انبهروا بنوره فلم يعرفوا أن يفسروا شيئا.
وفي حين نحتفل الليلة بقيامة الرب يسوع، جئنا حاملين كل همومنا لنقول: يا رب أننا نعيش في صعوبات وأزمات كبيرة، وعائلاتنا وشبيبتنا وشعبنا يتألمون، نحن في لبنان وشعوبنا في الشرق الأوسط كلنا نعيش ومنذ سنوات، الحرب تلو الأخرى ونتألم ونعاني. شبيبتنا تسافر وتتركنا. أين أنت يا يسوع ؟ جئنا اليوم، ونحن نحتفل بعيد قيامتك، نفتش عن طريقة حراسة القبر الذي أنت فيه والأرض التي أنت قدستها، نبحث عنك في مكان لست موجوداً فيه، وأنت أصبحت بين الأحياء لأنك رب الحياة. نحن أخطأنا، حملنا همومنا وجئنا إلى القبر بينما أنت في مكان آخر. يا يسوع نريد أن نقول لك: لا، نحن اليوم نريد أن ننسى همومنا الصغيرة للحظات مقابل قيامتك والقوة التي ستعطينا إياها اليوم وكل يوم كما أعطيتها لرسلك وتلاميذك وكنيستك خلال ألفي سنة. تقول لنا اليوم: لا تخافوا أنا غلبت العالم. لا تفتشوا عن همومكم الصغيرة في هذا العالم، أنتم أصبحتم أبناء الحياة، وبعد موتي وقيامتي انتصرتم على الموت وعلى الخطيئة والشر في العالم. أنتم أصبحتم أقوى وأكبر من كل همومكم الصغيرة. أنظروا الى فوق، أنظروا الى الكنيسة التي بنيتُها على صخرة الإيمان، إيمان بطرس والرسل، كنيسة ثابتة بالرغم من الصعوبات التي عرفتها في تاريخها. كنسيتكم أنتم في لبنان ثابتة وصامدة بالرغم من مواجهتها لتحديات كثيرة واحتلالات وحروب بقيت ثابتة وستبقى. لا تخافوا أنتم أقوياء بإيمانكم، أنتم أقوياء برجائكم وبالحياة وبمجد القيامة. لماذا أنتم خائفون وعلى ماذا أنتم خائفون؟ هل أنتم خائفون من خسارة كل ما تملكون في هذه الدنيا؟ وما قيمة هذه الأشياء، فكلها أصبحت مثل القبر الفارغ، باقية هنا على هذه الارض من دون قيمة. أنتم لكم قيمتكم. آمنوا بي واثبتوا فيّ تكونون أبناء أبيكم الذي في السماوات وتعرفون أن تكونوا أبناء الحياة.
هذا هو نداء يسوع لنا اليوم؛ أن نسيطر على الخوف واليأس والهموم التي نحملها في قلوبنا فنقول: يا ربنا يسوع أنت سبقتنا وأعطيتنا موعداً في الملكوت وحجزت لنا مكاناً بجانبك. نحن كلنا ننتظر أن نلتقي بكل الذين سبقونا في ملكوت أبينا في السماء. نحن معك يا يسوع ولا نخاف على شيء في هذه الدنيا؛ ونحن معك يا يسوع رجاؤنا كبير لأنك بموتك وقيامتك جعلتنا أقوياء بك ومنتصرين على الشر وعلى الخطيئة اللذين لا يزالان موجودين في هذا العالم. وننتصر على همومنا اليومية؛ ونعرف أن نحمل كل ما لدينا، نحمل عائلاتنا وشبيبتنا وأطفالنا، نحملهم معنا لنقدمهم لك اليوم في يوم قيامتك فنصير كلنا شعبك وكنيستك ونعرف أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها.
ندائي في هذه الليلة إليكم أنتم شبيبتنا وأنتم كثر بيننا وحضوركم كبير ومهم وعظيم. وطالما لا تزال لدينا شبيبة مثلكم تحمل إيمانها وتريد أن تعيشه بالرغم من كل التحديات، نحن غير خائفين لا عليكم ولا على كنيستنا ولا على وطننا لبنان. نحن أقوياء بكم وكلنا رجاء أنكم ستتحملون مسؤوليتكم، مسؤولية كنيستكم ووطنكم، أنتم مستقبلهما ومستقبلنا. لا تخافوا وكل آمالنا فيكم أن تبقوا حاملين هذا الإيمان وهذا الرجاء. ويسوع يقول لكم اليوم: لا تخافوا أنا غلبت العالم وأنتم ستغلبون العالم . آمين.