عظة المطران خيرالله في قداس الزيارة الراعوية لرعية رام 27-10-2013

عظة المطران خيرالله

في قداس الزيارة الراعوية

لرعية مار شليطا- رام

الإحد 27/10/2013

 

« كل ما صنعتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصغار فلي أنا صنعتموه» (متى  

أخي المطران دومنيك لوبرون راعي أبرشية سانت إتيان الفرنسية،

أبونا يوحنا (مراد) خادم هذه الرعية بمحبة كبيرة،

أحبائي جميعاً أبناء وبنات رام، هذه الرعية التي لها مكانة كبيرة في قلبي.

ولكم محبة خاصة في قلبي، ليس فقط لأن لي في هذه الرعية أقرباء، ولكن أيضاً لأني منذ رسامتي الكهنوتية سنة 1977، قمت بجولتي الراعوية في الأبرشية مرافقاً أيقونة القديس شربل؛ وكان لي في رام محطة أسبوع كامل من النشاطات الروحية مع الأخوية والفرسان والطلائع.

وربطتنا بكم علاقة محبة وخدمة والتزام. ومن كان منكم حاضراً معنا يذكر ذلك.

وكنيستنا تمشي على درب تحقيق الملكوت حاملة رسالة المسيح.

أنتم أولاً، يا أبناء وبنات رعية رام، لكم الفضل الكبير في الحفاظ على إيمانكم بالله وفي حمل إرث الآباء والأجداد وفي التمسّك بأرضكم المقدسة؛ أنتم المعلّقون في أعالي منطقة البترون وتحظون بموقع استراتيجي روحي مميّز بقربكم من السماء. ولكنكم تشعرون أنكم بعيدون أو مبعدون عن سائر رعايا الأبرشية واهتماماتها. وهذا حقّ لكم. إنما أؤكّد لكم اليوم أني أحبّكم وأحمل همومكم وشؤونكم في قلبي وأتشوّق إلى ملاقاتكم.

أنتم ثانياً تحملون تراث آبائكم وأجدادكم الذين ثبتّوكم في هذه الأرض بتضحياتهم الكبيرة وتتحملون مسؤولية الحفاظ عليه. وأنتم بدوركم تتعبون وتضحّون في سبيل أن تربّوا أولادكم وتعلّموهم وتؤمّنوا لهم مستقبلاً واعداً، حتى ولو سافروا وابتعدوا عنكم. وكما كان آباؤكم، فأنتم أيضاً ثابتون بإيمانكم بالله ومتمسّكون بأرضكم، أرض القداسة؛ ومن يعيش عليها لا يستطيع إلا أن يكون قديساً.

وأنتم ثالثاً من هؤلاء الموارنة الذين عاشوا بحرية وكرامة على هذا الجبل، وواجهوا تحديات الزمن، من حروب واضطهادات واحتلالات. تحمّلوا إذاً مسؤولية حمل هذا الإرث العظيم وانقلوه إلى أولادكم، وربّوهم على القيم المسيحية والإنسانية.

نعرف جميعاً أن تربية أولادنا اليوم صعبة ومكلفة. لذا فإنكم تقولون: لا نستطيع أن ننجب أولاداً كثيرين لأن لا إمكانية لنا على تربيتهم. أين دور الله في حياتنا إذاً ؟ نهتّم بأمور هذه الدنيا ونتهافت وراء جمع المال لنصرفه على متطلبات الحياة الكثيرة، ولكننا ننسى أن الله حاضر فينا. كان آباؤنا يقولون: « كل ولد يولد في هذه الدنيا الله يرسل معه رزقته»! أين إيماننا بالله واتّكالنا عليه ؟ أجدادنا وآباؤنا ارتضوا أن يعيشوا بكرامتهم بالفقر والحرمان، لأنهم كانت لديهم القناعة في الحياة. والقناعة كنز لا يفنى. وهي قيمة بُتنا نفقدها اليوم.

تعالوا نفتنع في ما يعطينا الله من نِعم وخيرات ونترك له مكانة في قلوبنا وفي عائلاتنا. فعائلاتنا هي منبع القداسة.

واليوم هو أحد المسيح الملك، الأحد الأخير من السنة الطقسية، الذي فيه نسمع إنجيل الدينونة الأخيرة. يقول لنا يسوع أن كل واحد منا سيُدان على أعماله. لن نأخذ معنا شيئاً من هذه الدنيا سوى أعمالنا. وعندما نقف أمامه، سيقول لنا: كنت جائعاً، كنت عطشاناً، كنت مريضاً، كنت عرياناً، كنت سجيناً، وأنتم ساعدتموني. لأن كل عمل محبة تقومون به مع أي إنسان محتاج تكونون تصنعونه معي أنا. مقياس الدينونة هو المحبة. وكل ما في هذه الدنيا من ممتلكات وسلطنات وعروش يبقى فيها وهو زائل وفانٍ. نحن فقط الأحياء لأننا صرنا أبناء الله بالمسيح، ولن نأخذ معنا سوى أعمالنا.

أقدّم قداسي اليوم على نية هذه الرعية وعائلاتها وأهلها الحاضرين والغائبين والمنتشرين في العالم، وعلى نية أولادها كي يبقوا هم الحياة فيها وهم مستقبلها ويحملوا مسؤولياتهم ويشهدوا لحضور المسيح في كنيسته وشعبه. آمين.   

Photo Gallery