عظة المطران منير خيرالله في عيد دخول المسيح إلى الهيكل كفرعبيدا 2-2-2014

عظة المطران منير خيرالله

في قداس عيد دخول المسيح إلى الهيكل

الأحد 2/2/2014، في كنيسة مار سركيس وباخوس- كفرعبيدا

 

« لأن عيناي قد أبصرتا خلاصك، نوراً للأمم» (لوقا 2/30)

 

حضرة المونسنيور بطرس (خليل) خادم هذه الرعية بمحبة كبيرة،

حضرة رئيس البلدية،

أحبائي جميعاً.

        أحتفل معكم اليوم بعيد دخول المسيح إلى الهيكل، هذا العيد المميز، الذي يدعونا فيه يسوع إلى أن ندخل معه إلى الهيكل، إلى الهيكل الحجر، الكنيسة، وإلى الهيكل الأساس، قلب الله، الذي كشف سرّه يسوع المسيح.

نتوقف بعد سماعنا إنجيل لوقا عند شخصين أعلنا بطريقة مختلفة سرّ الله: سمعان الشيخ ويسوع المسيح الابن.

سمعان الشيخ، كما يقول عنه لوقا في إنجيله، « كان رجلاً بارّاً تقيّاً ينتظر عزاء إسرائيل»، ويعيش بحسب وصايا الله وتعاليمه. وكان يكرّس حياته ليعيش قربه من الله وفي هيكله. وكان يعيش، كما شعب الله كله، في إنتظار مجيء المخلّص الذي سيكون « عزاءً لإسرائيل ونوراً ينجلي للأمم». وأوحى إليه الروح القدس « أنه لن يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب». وجاء به الروح إلى الهيكل.

إلى أن دخل يوسف ومريم ومعهما الطفل يسوع إلى الهيكل « ليقدّماه للرب، كما هو مكتوب في شريعة الرب». يسوع إذاً دخل العالم من خلال التاريخ والجغرافيا، ودخل بحسب شريعة موسى، ليطيع شريعة الرب، ومن خلالها ليجدّد الإنسان ويجدّد البشرية.

الشخص الثاني هو يسوع الطفل، ابن الله، الذي لم يكشف بعد عن سرّه. عرفه سمعان الشيخ؛ فحمل الطفل على ذراعيه، وبارك الله وقال: « أطلق الآن عبدك بسلام، أيها السيّد، لأن عيناي قد أبصرتا خلاصك، الذي أعددته للشعوب كلها، نوراً ينجلي للأمم.

يسوع كان يؤدي واجب الشريعة، مثله مثل أي يهودي من شعبه، في الهيكل. هو ابن الله يُقدَّم إلى الهيكل تقدمةً وبركةً لشعبه وللشعوب كلها.

ما نستنتجه من إنجيل اليوم من حدث دخول يسوع إلى الهيكل مع يوسف ومريم، هو أولاً أننا كعائلات علينا أن نعود إلى عيش أصالة إيماننا وتقاليدنا وتراث كنيستنا. أن نكتشفها من جديد ونلتزم بعيشها في حياتنا كل يوم. أن يقدّم كل أب وأم أولادهما إلى الرب في الكنيسة. وفرحتنا كبيرة أن الكنيسة اليوم تكتظ بحضوركم وبخاصة بحضور أولادنا وشبيبتنا. فإنكم، أنتم الآباء والأمهات، تقدمونهم اليوم إلى الرب مع يسوع. إنها نعمة كبيرة.

ثانياً، علينا أن نقدّر نعمة الله المعطاة لنا؛ أي أن الله جاء يقدم ذاته إلينا بابنه يسوع المسيح. ولا يزال الرب يسوع يقدم ذاته من أجلنا كي يباركنا ويبارك كل عائلة من عائلاتنا لتعيش على مثال عائلة الناصرة وتتّكل على الله. ويبارك كنيستنا وشعبنا في لبنان وشعوبنا في بلدان الشرق الأوسط، ونحن نعيش في ظروف صعبة جداً ونعاني من حروب ومحن. إنها الأرض التي اختارها يسوع المسيح ابن الله ليولد فيها إنساناً، ويقدم ذاته في الهيكل، ويرتضي أن يموت على الصليب وهو يحمل خطايا البشر من أجل فدائهم جميعاً، ومن أجل أن يعطيهم بقيامته حياة جديدة وأبدية.

هذه هي نعمة الله تقدم من أجلنا اليوم وكل يوم.

ثالثاً، إننا جميعاً نعيش في انتظار. ننتظر يوم السلام. ننتظر اليوم الذي يتصالح فيه المسؤولون، في لبنان وفي الشرق الأوسط وفي العالم، ويتعانقون ويعترفون أن هذه الأرض هي أرض المسيح، هي أرض السلام، ومن حقّها أن تنعم بالسلام، السلام العادل والدائم.

ومرحلة الإنتظار ستنتهي، وسيأتي يوم السلام. وسنقول مع سمعان الشيخ: الآن أطلق يا رب عبيدك بسلام، لأن سلامك سيحلّ في بلادنا وسيكون نوراً ينجلي للأمم.

لا تخافوا إذاً، ولا تيأسوا. نحن أقوياء بيسوع المسيح. ونقبل أن نحمل الصليب معه ونشاركه بآلامه فداءً عن خطايا كبيرة ترتكب اليوم على أرضنا كي نستحق أن نعيش السلام.

والمسيح سيبقى نوراً في قلوبنا. ولهذا السبب إننا نبارك الشموع اليوم لكي نأخذها نوراً، وهو نور المسيح، إلى بيوتنا وعائلاتنا. فنستنير به في تربية أولادنا وأجيالنا الطالعة ونحمله شعلة وشهادة في مجتمعنا ووطننا. آمين. 

Photo Gallery