عظة المطران منير خيرالله
في قداس رسامة نسيب الفغالي شدياقاً
كنيسة مار سركيس وباخوس كفرعبيدا- السبت 1/12/2012
« لأجل كلمتك ألقي الشبكة» (لوقا 5/5)
حضرة المونسنيور بطرس النائب العام وخادم هذه الرعية الحبيبة،
إخوتي الكهنة،
حضرة الأستاذ طنوس الفغالي رئيس بلدية كفرعبيدا ورئيس إتحاد بلديات قضاء البترون
إخوتي وأخواتي ابناء وبنات رعية كفرعبيدا وأصدقاءنا الأعزاء
بفرحة كبرى أنا معكم اليوم لنحتفل بهذه الرتبة الكنسية وبخدمة ترقية إبنكم نسيب إلى درجة الشدياقية.
ونحن عائدون لتوّنا من روما بعد الإحتفال برتبة تسلّم مهام الكاردينالية لغبطة أبينا البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى من يد خليفة بطرس قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر.
عشنا بفرح هذا الحدث ونحن لا زلنا ننعم بعطايا ثلاثة أغدقها الله علينا في هذا الزمن المبارك:
أولاً، عطية الإرشاد الرسولي « الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة»، الذي وقّعه قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في لبنان في 14 أيلول الماضي يوم عيد ارتفاع الصليب. وتركه لنا خارطة طريق لحياتنا ورسالتنا في لبنان وفي الشرق كله وفي العالم.
ثانياً، عطية سنة الإيمان التي أعلنها قداسة البابا من روما في 18 تشرين الأول الماضي في ذكرى مرور خمسين عاماً على افتتاح المجمع الفاتيكاني الثاني، ودعانا إلى التعمق في إيماننا وإلى عيشه.
ثالثاً، عطية سينودس الأساقفة في روما الذي عقد طيلة شهر تشرين الأول الماضي حول موضوع «الإعلان الجديد للإنجيل من أجل نقل الإيمان المسيحي»، وهي رسالة كل مسيحي معمّد.
كلها علامات يدعونا الله من خلالها إلى تجديد إيماننا والقول مع بطرس: « لقد تعبنا الليل كله ولم نصطدْ شيئاً ولكن لأجل كلمتك سنلقي الشباك».
أيها العزيز نسيب،
هذا هو الشعار الذي اتخذته لكي تتبع من خلاله السيد المسيح في خدمتك الجديدة في الكنيسة بإيمان وثقة كبيرين. وأنت مهيئ لهذه الخدمة منذ طفولتك وتربيتك في عائلة مسيحية ملتزمة في كفرعبيدا أعطت مطارنة وكهنة كباراً للكنيسة. وهذا شرف لك ولنا ولكفرعبيدا. ثم في دروسك في ثانوية القلبين الأقدسين في البترون وثانوية البترون الرسمية وفي جامعة الروح القدس الكسليك بعد نيلك إجازة في الأدب العربي من الجامعة اللبنانية وشهادة دروس معمّقة.
وتابعت بمثابرة دروس اللاهوت في معهد الرسل في جونيه وفي جامعة القديس يوسف- بيروت بينما كنت تدرّس في مدرسة سيدة الجمهور.
وأعيطت شهادة عن تهيئتك لقبول هذه الدرجة الشدياقية في التزامك المسيحي والإنساني من خلال نشاطاتك الرعوية: مسؤولاً عن الفرسان والطلائع في رعيتك كفرعبيدأ، ومنشطاً ثم مسؤولاً عن جماعة إيمان ونور في البترون حيث تعرفت إليك عن قرب ورافقتك في عملك المعطاء والخدوم.
واليوم اتخذت شعارك: « لأجل كلمتك ألقي الشبكة». إنك على مثال القديس بطرس تقول: « لقد تعبنا الليل كله ولم نصطد شيئاً؛ ولكن لأجل كلمتك ألقي الشبكة». إنه الإيمان، وإنها الثقة الكاملة بالرب يسوع المسيح الذي يقود سفينة حياتك اليوم مع زوجتك كوزيت. ولا عجب في ذلك. فنحن نعرفك رجل إيمان بالله وثقة بعنايته.
ستنطلق في خدمة متجددة لتخدم في الكنيسة وتعلن الإنجيل بطريقة جديدة. فهذه رسالة تحملها بفعل سر المعمودية الذي جعلك تشارك في رسالة المسيح وفي كهنوته، كما يعلّم المجمع الفاتيكاني الثاني: «المعمّدون بالولادة الجديدة ومسحة الروح القدس يتكرسون ليكونوا بيتاً روحياً وكهنوتاً مقدساً... وفي جسد المسيح السري (الكنيسة) حيث يصبح المؤمنون جميعهم كهنوتاً مقدساً وملوكياً ونبوياً».
وأنت لست بعدُ شماساً ولا كاهناً لتدخل في كهنوت الخدمة، بل أنت على طريق الشماسية الدائمة «للتشبّه بالمسيح الخادم» كما يعلّم المجمع البطريركي الماروني (النص السابع)، وهي ستكون خدمتك بعد درجة الشدياقية. وفيها ستحمل مسؤولية جسد المسيح السري في إعلان الإنجيل وعيش إيمانك والشهادة له في التزاماتك اليومية.
أنت مدعو إلى أن تعلن الإنجيل في زمن المتغيرات محافظاً على ما تعلّمته من كنيستك ومن رعيتك ومن عائلتك في القيم الروحية والأخلاقية وبأساليب جديدة تلائم أبناء عصرك ومجتمعك، وأنت تعرف كيف تكلّمهم.
وهذه الرسالة هي نتيجة التزامك المسيحي، ونتيجة لقائك الشخصي الوجداني بالمسيح من خلال إخوتك الذين تعاملت معهم وتحمّلت مسؤولية قيادتهم في الكنيسة.
أنت إذاً تتشبّه ببطرس في إيمانك، وتتشبّه ببولس في غيرتك على بيت الله وأندفاعك في التبشير بالمسيح ربّاً ومعلماً. وبصفتك شدياقاً في الكنيسة ستعمل على خدمتها بإعلان الإنجيل وبغيرتك على بيت الله. فلا تستطيع أن تكون شاهداً للإيمان «بدون تأصّل عميق في يسوع المسيح، وبدون توبة مستمرّة نحو كلمته، وبدون حبّ لكنيسته، ومحبة متجردة للقريب»؛ هذا ما يطلبه قداسة البابا في إرشاده الرسولي «الكنيسة في الشرق الأوسط» (عدد 50). هذا هو مشروع حياتك وهذه هي خدمتك في كنيستك المارونية وفي رعيتك كفرعبيدا. ونحن معك اليوم نصلّي إلى الله كي يبارك خطواتك ويبارك خدمتك الجديدة ويبارك عائلتك الصغيرة مع زوجتك كوزيت، ويبارك عائلتك الأكبر رعيتك كفرعبيدا المباركة، ويبارك كنيستنا المارونية، كي نبقى جميعنا بفعل سر المعمودية الذي اتخذناه نعمة مجانية من الله شهوداً للمسيح في مجتمعنا وفي عالمنا؛ شهوداً للقيم التي تربينا عليها في كنيستنا وعائلاتنا، شهوداً لرسالة ودور وطننا لبنان، الوطن الرسالة والوطن النموذج كما قال لنا الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني وقداسة البابا بنديكتوس السادس عشر.
صلاتنا مع عائلتك ومع رعيتك كي يباركك الله فتكون في خدمتك الجديدة شاهداً للمحبة المجانية التي تربيت عليها ومارستها. آمين.