رتبة سجدة الصليب- البترون، 2-4-2021

عظة المطران خيرالله

في رتبة سجدة الصليب

2/4/2021، في كاتدرائية مار إسطفان- البترون

1
يسوع يموت على الصليب وهو يحب ويغفر!


تعالوا نتأمل سر الحب العظيم يجسده يسوع المسيح إبن الله في البشرية ومن أجلها.
« قبل عيد الفصح»، كان يسوع يعلم بأن قد أتت ساعة انتقاله عن هذا العالم الى أبيه، وكان قد أحب خاصته في العالم، فبلغ به الحب لهم الى أقصى حدوده». (يوحنا 13/1).

وفيما الجنود يصلبونه، قال: « يا أبتِ إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ما يفعلون». (لوقا 23/34).

وقبل موته قال: « يا أبتِ في يديك أستودع روحي». (لوقا 23/46).

« وصرخ يسوع صرخة شديدة ولفظ الروح». « فلما رأى قائد المئة الواقف تجاهه أنه لفظ الروح هكذا، قال: « حقًا كان هذا الرجل إبن الله». (مرقس 15/37ـ39).

من على الصليب ، وبينما يسوع المصلوب يَظهرُ، وهو ابن الله العلي القدير، أنه محتقرٌ ومزدرىً من الناس ومن أهل بيته وشعبه، يكشف سرّ الله، سرّ الحبّ اللامحدود للبشر.

وفيما هو يموت يملأ الموت بالحبّ، هذا الحبّ المجاني الذي يبذل ذاته الى أقصى الحدود.
فتأتي الشهادة من قائد المئة، هذا الوثنيّ، فيقول: « حقًا كان هذا الرجل ابن الله!» دُهش بالحبّ المبذول حتى النهاية لأنه رأى يسوع يموت ظلمًا وهو يحبّ ويغفر! ويزرع الحبّ حتى في الموت! فانتصر على الموت بالحب والمغفرة!

وترك لنا وصيته الأخيرة والوحيدة التي تلّخص الكتبَ وتعاليم الأنبياء والشريعة: « أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم. وما من حبٍّ أعظم من أن يبذل الانسان نفسه في سبيل أحبائه» (يوحنا 15/12ـ13).
« أحبّوا أعداءكم وصلّوا من أجل مضطهديكم، لتصيروا أبناء أبيكم الذي في السماوات» (متى 5/44).
هل نحن قادرون على هذا  الحب ؟ اليوم وفي ظروفنا الاستثنائية والكارثية ؟ إنها وصيّة تتحدّانا اليوم في عمق كياننا وإنسانيتنا والتزامنا المسيحي!

فلنتطلّع الى يسوع المصلوب اليوم أمامنا ومعه الآلاف من المصلوبين في مجتمعنا ووطننا، وهم: المرضى من وباء كورونا وغيرهم من الأمراض المزمنة والمميتة، والمتألمون، والمنبوذون، والمحتقرون، والمظلومون، وفاقدو الكرامة والحرية، والفقراء، والجائعون الى رغيف الخبز، وضحايا الحروب والإنفجارات والتهجير، والمجرمون والظالمون عن اليمين وعن اليسار! ونقول له: حقا أنت ابنُ الله! أنت ربُّنا وإلهنا! كم تحبُّنا من على صليبك وكم تُظهر لنا أننا محبوبون من الله بالرغم من ضعفنا وخطايانا وجرائمنا! « أذكرنا يا يسوع إذا ما جئت في ملكوتك» (لوقا 23/42).

أعطنا يا يسوع المصلوب، يا يسوع الحبّ اللامتناهي، أن نشهد لهذا الحبّ فتتحوّل حياتنا الى الالتزام فقط بمحبة الله ومحبة القريب. والقريب هو يسوع المسيح المتجسّد في كل محتاج الى محبة.

أعطنا يا يسوع أن يصبح كلُ واحدٍ منّا طاقةُ محبة تتفجّر في سبيل خدمة كرامة الانسان وحرّيته وإعادة بناء مجتمعنا على القيم المسيحية والانسانية، وبناء وطننا لبنان وطنًا رسالة في الحرية والديموقراطية واحترام التعدّدية في العيش الواحد الكريم.

Photo Gallery