كلمة سفير لبنان في احتفال عيد مار مارون في الكويت الدكتور خضر حلوة 7-2-2014

كلمة سفير لبنان في الكويت الدكتور خضر حلوة

في احتفال عيد مار مارون- الكويت

الجمعة 7 شباط 2014

 

        عشرة أشهر ونيف مرّت على تسلمي المسؤولية كسفير للبنان في دولة الكويت الشقيقة.

لتشاء الصدفة أن تكون أول إطلالة لي من على هذا المنبر وضمن جدران هذا الصرح الروحي، لأخاطب فئة من اللبنانيين حين أتيت إليهم في يوم عظيم من أيام الكنيسة ومن آلام أبنائها وقيامة يسوعها، ولتكون زيارتي ومشاركتي في قدّاس ماروني ذات مدلول ومغزى، ليس فقط للموارنة، وإنما لكل اللبنانيين الموجودين في الكويت.

        وها أنا اليوم، إذ أتشرف بالاحتفال معكم في عيد شفيع الطائفة الكريمة القديس مارون الذي أسس لكنيسة شرقية انضوت تحت رداء الإيمان الكاثوليكي الذي يتربع على كرسيه قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس الأول سالكاً درب المحبة والتواضع الذي سلكه يسوع، وناهجاً نهجه ككلمة الله التي بدأ بها القديس يوحنا إنجيله،

هذا النهج الإلهي الذي لا يعرف إلاّ المحبة درباً ولا يمارس إلاّ التسامح والمغفرة وسيلة للتصالح بين البشر كلها دون تمييز بين مسيحي وغير مسيحي،

هذا النهج، تغدو بعده لغة السلام المهددة شرقاً وغرباً، والمرتبكة شمالاً وجنوباً، هي اللغة المعتمدة بين بني البشر، وتغدو أيضاً بعده لغة المحبة والإنفتاح هي مفتاح للقلوب، والدواء الشافي للعلل، والمياه النقية التي تروي أرواح البشر وعقولها وتطهرها في مواسم الجفاف التي تحاول التمدد دون جدوى.

أيها الأحبة،

إن لبنان يتسع للجميع

وقد مر بحروب وأزمات مؤلمة، وما يزال حتى اليوم داخلاً في التجربة، لكن إيمان أهله بحدوده الجغرافية تجعلنا نؤكد على ضرورة الإكتفاء بلـــــ 10452 كلم2 فلا حاجة لطموحات تتجاوز حدوده، ولا مصلحة لكيانات ضيقة تقزمه.

فهذه المساحة كافية لتتسع للجميع ولتستوعب الجميع من أبنائه.

والمسؤولية تقع على عاتق الجميع، وأولهم موارنة لبنان الذين أسسوا لبلدٍ فريد في منطقة عربية عرفت دولها قيمة هذا البلد الصغير المساحة، والكبير الدور، وأولهم دولة الكويت.

فالكل يعرف ويدرك بأن لبنان ليس فقط وطناً جميلاً، بل هو، كما قال قداسة الحبر الأعظم البابا يوحنا بولس الثاني: إنه رسالة.

وكما أن مسؤولية الحفاظ عليه تقع على موارنته قيادات وأفراداً فالمسؤولية مشتركة على قيادات الطوائف الأخرى وأفرادها،

خاصة ممن يعتبرون أنفسهم أكثرية عددية في المنطقة، فأهمية لبنان ليست بأكثرياته ولا بأقلياته، بل بمجموع بشره المتنوعين الذي أغنوا تاريخه وأضافوا بفكرهم وعلمهم وانفتاحهم، قيمة يعترف لهم بها جميع أشقائه،

كما أن أهمية خصوصيته تكمن في هذا الوجود المسيحي فيه، وكما قلت سابقاً في هذا الصرح وبالذات يوم أتيت إليه بأنه إذا كان المسيحيون هم ملح الأرض في المنطقة العربية، فالموارنة هم ملح أرض لبنان،

فهم أبناء القديس مارون، وحملة إرث يوحنا مارون ممن لديهم الإرادة الصلبة والإنتماء القوي لوطن تعددي، منفتح مثلما هم الموارنة منفتحون، ومتميز مثلما هم متميزون.

وما الوثيقة التي صدرت أمس من بكركي على لسان غبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي إلاّ دليلاً على أن الكلمة الفصل في وجود لبنان وديمومته ونهائيته تنطلق من الصرح البطريركي الماروني الذي يحمي لبنان كله، بجميع طوائفه، ويحمي اللبنانيين كلهم على مختلف انتماءاتهم السياسية:

إنها وثيقة سيادية تحمل في طياتها نفساً وطنياً نطق بها الأحياء وعمل عليها شهداءٌ إيماناً منهم بضرورة درء الأخطار عن لبنان.

أيها الأحباء،

إن الإحتفال بعيد القديس مارون في دولة الكويت يوازي إلى حد كبير الإحتفال بلبنان، ومن هنا أتقدّم من الجالية اللبنانية عموماً، ومن الموارنة خصوصاً، بأطيب التهاني بهذا العيد متمنياً للجميع السلام والإستقرار شاكراً أصحاب السعادة السفراء لمشاركتنا هذا الإحتفال بيوم مميز، خاص وتاريخي.

وكل عيد مار مارون وأنتم بخير.