حديث سيادة المطران خيرالله
في عرض الإطار العام لموضوع السنة 2014-2015
خلوة المجلس الرعوي لرعية البترون
في الكرسي الأسقفي- دير مار يوحنا مارون- كفرحي
الأحد 28 أيلول 2014
«على خطى مار يوحنا مارون: نتجدّد ونتقدس بالمسيح»:
السنة الثانية من مسيرة المجمع الأبرشي (2014-2015)
سنة المبادرات
أحبائي أعضاء المجلس الرعوي وأبناء وبنات رعية البترون الحبيبة
مقدمة
بفرح كبير أعود وألتقي بكم في خلوتكم السنوية لنرسم معاً الخطوط العريضة لبرنامج السنة المقبلة.
بعد مضيّ حوالى السنة على إطلاق المجمع الأبرشي، يجدر بنا أن نقف متأملين بالمسيرة المجمعية التي التزمنا أن نمشيها معاً بهدف التجدّد في أبرشيتنا على المستوى الروحي أولاً، ثم على مستوى الأشخاص والمؤسسات.
وورشة التجدّد هذه كانت قد انطلقت في كنيستنا المارونية مع المجمع البطريركي (2003-2006) بغية أن تقوم بإصلاح وتجديد على المستوى الروحي والشخصي والمؤسساتي بحيث يؤدي إلى مساحة كنسية دينامية وإلى كنيسة في حالة مسيرة مجمعية أو في ورشة تجدّد مستمرّة.
وقد أراد صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الراعي لمجمعنا الأبرشي، كما كان أراد للمجمع البطريركي الماروني، أن يكون ربيع الكنيسة المارونية مثلما كان « المجمع الفاتيكاني الثاني ربيع الكنيسة الكاثوليكية»، على حدّ قول القديس البابا يوحنا بولس الثاني.
سأتوقف معكم، في عرض الإطار العام لموضوع السنة 2014-2015، وهي السنة الثانية في مسيرة المجمع الأبرشي، أولاً على مفهوم التجدّد في الكنيسة، وثانياً على ماهية المجمع الأبرشي وأهدافه ومسيرة أعماله.
أولاً: في معنى التجدّد الكنسي
لفظة «التجدّد» هي لفظة أساسية مركزية في نصوص المجامع: من المجمع الفاتيكاني الثاني إلى المجمع البطريركي الماروني إلى المجمع الأبرشي- البترون، بحسب ما يبيّن الأمين العام للمجمع الأبرشي الدكتور نبيل خليفه. (راجع الورقة التي قدّمها في إجتماع الأمانة العامة واللجنة المركزية في 3/1/2014).
يقدّم المجمع الفاتيكاني الثاني الإصلاح في الكنيسة أو التجدّد الكنسي على أنه إصلاح مستمرّ للذات أولاً أمانةً ليسوع المسيح (راجع القرار المجمعي في الحركة المسكونية، عدد 6).
ويدعو البابا بولس السادس إلى توسيع النداء للتجدّد بقوله:
« لقد دقّت الساعة للكنيسة كي تعمّق وعيَ حالتها، وتتأمل في السرّ الذي هو سرّها. من وعي الضمير هذا المستنير والفاعل تنجم رغبة عفوية في أن نقارن الوجه الحقيقي الذي تقدمه الكنيسة اليوم مع صورة الكنيسة المثالية، مثلما أرادها المسيح وأحبّها. من هنا تتولّد رغبة سخيّة، وكأنها على أحرّ من الجمر، في التجدّد، أي في إصلاح العيوب التي يندّد بها ويرفضها ذلك الضمير الفاحص ذاته على ضوء المثال الذي تركه لنا المسيح». (الرسالة العامة « كنيسة المسيح»، (6/8/1964)، عدد 10-12).
ويقول القديس البابا يوحنا بولس الثاني: « كلّ تجدّد في الكنيسة ينبغي أن يهدف إلى الرسالة لتحاشي السقوط في تجربة كنسيةٍ متقوقعةٍ على ذاتها» (إرشاد رسولي « الكنيسة في أوقيانيا، (22/11/2001)، عدد 19).
أما البابا بنديكتوس السادس عشر فيقول، « إن تجدّد الكنيسة يمرّ أيضاً من خلال الشهادة التي يقدمها المؤمنون في حياتهم» (رسالة عامة « باب الإيمان»، 11/10/2011، عدد 6)، والتي هي « جزء من دعوة الكنيسة الأصلية وأولى أشكال الرسالة» (إرشاد رسولي « الكنيسة في الشرق الأوسط- شركة وشهادة، 14/9/2012، عدد 66).
وقداسة البابا فرنسيس يقول في إرشاده الرسولي « فرح الإنجيل»: « أتخيّل اختياراً إرسالياً في الكنيسة قادراً على تحويل كل شيء كي تصبح العادات والأنماط واللغات وكل بنية كنسية قناةً صالحة لتبشير عالم اليوم بالإنجيل، أكثر من السعي لحمايته الذاتية. إن إصلاح البُنى، الذي يفرض التحوّل الرعوي، يقضي بالعمل على أن تصبح كلها أكثر إرسالية (plus missionnaire)، وأن تهيّئ العَمَلةَ الرعائيين فيكونوا في وضع انطلاق دائم أو خروج دائم» (en sortie) (عدد 27). « وأدعو كل مسيحي، في أي مكان ووضع كان، إلى أن يجدّد اليوم بالذات لقاءه الشخصي بيسوع المسيح» (عدد 3).
ثانياً: المجمع الأبرشي- ماهيته وأهدافه ومسيرة أعماله.
أ- ماهية المجمع في الكنيسة
المجمع هو الجهاز الكنسي الذي يجمع رعاة الكنيسة وإكليروسها الذين يلتئمون لدراسة شؤون كنيستهم الإيمانية والراعوية ويسيرون معاً (هذا هو معنى مجمع، سينودس باليونانية) عاملين بمبدأ وحدة جسد المسيح السرّي في تنوع الأعضاء من حيث المواهب والمسؤوليات وحاملين بشارة الخلاص إلى العالم في شهادة المحبة ومنفتحين على عمل الروح القدس وحاجات الكنيسة.
وقد عرفت الكنيسة منذ نشأتها مع الرسل وحتى يومنا مجامع كثيرة ومتعددة، منها المجامع الأبرشية والمحلية والإقليمية والعامة والمسكونية.
وعرفت كنيستنا المارونية بدورها مجامع كثيرة يذكر التاريخ واحداً وعشرين منها عقدت منذ الربع الأخير من القرن السادس عشر وحتى يومنا.
وأبرز هذه المجامع وأهمها على الإطلاق مجمعان:
الأول هو المجمع اللبناني الذي عقد في دير سيدة اللويزة سنة 1736 والذي نظّم الكنيسة المارونية وأطلقها في رسالة فريدة خدمت من خلالها الشرق والغرب على حدّ سواء وأدخلها في ركب الحداثة من خلال قراره بتأسيس المدارس بالقرب من الكنائس والأديار وبفرض التعليم المجاني والإلزامي على الأولاد.
والثاني هو المجمع البطريركي الماروني الذي عقد في دار سيدة الجبل بين سنتي 2003 و2006 نتيجة وعي الكنيسة المارونية لواقعها الجديد الذي باتت فيه كنيسة عالمية ينتشر أبناؤها وبناتها في أربعة أقطار العالم. وجاء هذا المجمع حصيلة تفكير الكثيرين من الموارنة، إكليريكيين وعلمانيين من كل بلدان العالم، ساروا معاً وفكّروا معاً وصلّوا معاً وعاشوا خبرة مجمعية مميزة ورائدة. فكان أن شدّهم العمل المجمعي للعودة إلى روحانية الآباء المؤسسين والجذور السريانية الأنطاكية ووطّد تعلّقهم بشخص البطريرك وبالمؤسسة البطريركية وبلبنان منشأ كنيستهم وأرض القديسين والوطن الرسالة. وكان أن أطلقهم في دينامية التجدّد الروحي والكنسي والمؤسساتي.
ب- ماهية المجمع الأبرشي والمدعوون إليه.
أما المجمع الأبرشي فهو الجهاز الذي يجمع حول الأسقف، راعي الأبرشية، الإكليريكيين والعلمانيين المخوّلين دراسة وضع الأبرشية واتخاذ السبل لإنعاشها على كل الصعد.
توصي القوانين الكنسية، وآخرها مجموعة قوانين الكنائس الشرقية (القوانين 235-242)، والشرع الخاص بالكنيسة المارونية (ق 17 و18)، بعقد مجمع أبرشي « يساعد الأسقف في الأمور التي تتعلق بحاجات الأبرشية الخاصة أو منفعتها» (قانون 235). وتحدّد بأن الأسقف هو الذي «يدعو إلى المجمع الأبرشي ويرئسه بنفسه» (ق 237)، « ويحدّد القضايا التي يجب معالجتها، ويؤلّف لجنة أو بضع لجان مهمّتها إعداد القضايا التي تجب معالجتها، ويُخضع كل المسائل المقترحة لمناقشة حرة في جلسات المجمع الأبرشي» (ق 240). ويحدّد القانون 238 الأشخاص المدعوين إلى المجمع الأبرشي، من كهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين يمثلون قطاعات الأبرشية. ويترك « للأسقف الأبرشي، إذا رأى ذلك مناسباً، أن يدعو غير أولئك أيضاً دون استثناء الذين هم من كنائس أخرى مستقلة وبعض المراقبين من كنائس وجماعات كنسية غير كاثوليكية».
يتبيّن لنا من هذه القوانين أن المجمع الأبرشي ليس وقفاً على الإكليروس وحده، كما كانت المجامع الأولى في الكنيسة، بل هو يعطي دوراً بارزاً وأساسياً للعلمانيين. وهذا من نتيجة المجمع الفاتيكاني الثاني الذي أوصى العلمانيين بالعمل الكنسي إلى جانب الأسقف والكهنة. فعرفت المؤسسة المجمعية دينامية جديدة دعت جميع المؤمنين المعمّدين إلى المشاركة في مسيرة الإعداد للمجمع والاحتفال به وتطبيقه. وباتت المسؤولية المشتركة تعني أن جميع المعمدين هم معاً شركاء في عيش الإيمان وحمل بشارة الخلاص ورسالة الكنيسة.
ج- أهداف المجمع الأبرشي.
بما أن مجمعنا الأبرشي له طابع خاص ويعمل على تطبيق المجمع البطريركي الماروني في أبرشيتنا، فإننا لن نقوم بدراسات جديدة، فهي متوّفرة في نصوص المجمع البطريركي التي جاءت عصارة فكر الكثيرين من مفكرينا المتخصصين والمختبرين. لذا فإننا نحدّد أهداف المجمع بثلاثة:
أ- تقبّل نصوص المجمع البطريركي الماروني والتعمّق فيها ونشرها لأنها أصبحت مرجعاً فكرياً لنا ولغيرنا نهتدي به في التزاماتنا الكنسية والمدنية. لذا فإني عملت على إعادة طباعة كتاب نصوص هذا المجمع ليوزع على أعضاء المجمع والمشاركين فيه ويكون في متناول من يريد أن يتعرف إليه ويتعمق في مضامينة.
ب- العمل بمضمون النصوص والتوصيات. إن نصوص المجمع البطريركي تضمنت اقتراحات وتوصيات وحدّدت آليات لتطبيق التوصيات. لكنها تحتاج إلى تطبيق فعلي في كل قطاعات الكنيسة؛ مع التأكيد على خصوصية كل منطقة وأبرشية. لذا فإن اللجان التي كلفناها النظر في عملية التطبيق ستعمل مع الكهنة والرهبان والراهبات والمؤسسات والمنظمات على التعمّق في فهم النصوص وعلى تبنّي التوصيات التي تناسب أبرشيتنا ووضع آليات لتطبيقها العملي.
ج- القيام بالتجدّد المطلوب على مستوى الأشخاص والمؤسسات في أبرشيتنا. والتجدّد هذا لن يتحقق ما لم ينطلق من التجدّد الروحي المرتكز على كلمة الله في الكتاب المقدس وعلى الصلاة والشهادة للمسيح في الحياة اليومية.
وأنا مقتنع كل الإقتناع أن أي تجدّد أو إصلاح في كنيستنا البترونية لا ينطلق إلاّ بالعودة إلى الإنجيل واللقاء الشخصي بيسوع المسيح، وبالعودة إلى جذورنا الروحانية النسكية في وادي قنوبين وفي وادي جربتا وكفيفان وحردين وتنورين والمتجلّية في آبائنا القديسين. والتجدّد الذي ننشده في الأشخاص وفي المؤسسات لن يتحقق ما لم ينطلق من التجدّد الروحي.
ونحن في البترون مدعوون بشكل خاص إلى عيش هذا التجدّد الروحي لأننا مؤتمنون على أبرشية مار يوحنا مارون، أبرشية القديسين، ومدعوون جميعاً إلى القداسة. لذا اخترنا لمجمعنا الشعار الذي يعبّر عن هذه الدعوة: « على خطى مار يوحنا مارون- نتجدّد ونتقدس بالمسيح». وانطلقنا في الورشة المجمعية. وأردنا أن يكون مجمعنا مناسبة لفحص الضمير وفعل التوبة والصلاة واتخاذ المقاصد في سبيل إصلاح العيوب والقيام بالتجدّد المطلوب.
د- مراحل مسيرة أعمال المجمع الأبرشي
تمرّ مسيرة المجمع الأبرشي، كما كل المجامع الكنسية، بمراحل ثلاث هي: مرحلة الإعداد ومرحلة الانعقاد ومرحلة التطبيق.
1- المرحلة الأولى: مرحلة الإعداد
انطلقت مرحلة الإعداد للمجمع الأبرشي بعد أن أعلنتُ عن الدعوة إلى انعقاده في 2 آذار 2013 لمناسبة القداس الذي ترأسه صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الراعي الكلّي الطوبى في عيد مار يوحنا مارون في الكرسي الأسقفي- كفرحي، ولمناسبة إطلاق رسالتي الراعوية الأولى « خدمة ومحبة». ثم عينتُ أمانة عامة ولجنة مركزية وكلّفتهما وضع خطة عمل تشمل تثبيت الروزنامة واختيار المواضيع وتحديد آلية العمل.
تتوزع الروزنامة كما يلي:
- 26 تشرين الأول 2013: جلسة الافتتاح وإطلاق الأعمال المجمعية في جامعة العائلة المقدسة- البترون.
- 28-29 تشرين الثاني 2014: الدورة الثانية
- نيسان 2015: الدورة الثالثة
- أواخر تشرين الأول 2015: الدورة الختامية.
أما المواضيع التي سيعالجها مجمعنا الأبرشي فقد تحدّدت كما يلي:
1- الهوية والأرض، 2- البترونيون والإنتشار، 3- تجدّد الكهنة، 4- تجدّد الرهبان والراهبات، 5- تجدّد العلمانيين: العائلة، 6- تجدّد العلمانيين: الشبيبة، 7- تجدّد العلمانيين: المرأة، 8- تجدّد المجالات الراعوية: الليتورجيا والطقوس، 9- تجدّد المجالات الراعوية: التعليم المسيحي، 10- تجدّد المجالات الراعوية: الرعية والعمل الرعوي، 11- تجدّد المؤسسات في المطرانية والرعايا، 12- الحوار المسكوني والحوار المسيحي الإسلامي، 13- الشأن التربوي: التعليم الأساسي والمهني، 14- الشأن التربوي: التعليم العالي، 15- الشأن الإجتماعي: خدمة المحبة، 16- الشأن الإقتصادي، 17- الثقافة والتراث والسياحة الدينية، 18- الإعلام
أما آلية العمل فتقضي بما يلي:
بعد اختيار المواضيع، عيّنت اللجنة المركزية والأمانة العامة منسِّقاً لكل موضوع يعمل مع لجنة من الخبراء الاختصاصيين على دراسة الموضوع الموكل إليه تبعاً لآلية عمل تقضي بأن تتحرّك اللجان على خطين.
- في الخط الأول تعمل اللجنة على ثلاث مستويات:
أولاً: تعمل كل لجنة على التعرّف إلى النص الذي يعنيها في المجمع البطريركي الماروني وإلى التوصيات الواردة فيه.
ثانياً: تعمل كل لجنة على توصيف الواقع في الأبرشية.
ثالثاً: تعمل كل لجنة، استناداً إلى توصيات المجمع البطريركي الماروني وإلى خبرات المعنيين، على كتابة توصيات تناسب أبرشيتنا.
- أما الخط الثاني فيقضي بأن تعمل كل لجنة على تنظيم نشاطات هادفة ولقاءات وندوات واحتفالات تشجع على السير معاً وتكون مناسبة لمشاركة أبناء وبنات الأبرشية في مسيرة المجمع الأبرشي.
2- المرحلة الثانية: مرحلة الإنعقاد أو العمل المجمعي المشترك.
انطلقت مرحلة إنعقاد المجمع الأبرشي مع الجلسة الإفتتاحية التي اعتبرناها بمثابة الجمعية العمومية. وكان فيها عرض عام لمسار الأعمال المجمعية والروزنامة وآلية العمل كما للأبعاد الفكرية لما نتوخّاه وننتظره من مجمعنا الأبرشي في مسيرة تطبيق المجمع البطريركي الماروني. (راجع دليل المجمع الأبرشي).
بعد ذلك راحت اللجان الثمانية عشر تجتمع توالياً وتعمل بحسب آلية العمل المجمعية.
في 21 حزيران 2014، كان لقاء عام لأعضاء لجان المجمع الأبرشي في جامعة العائلة المقدسة- البترون، كان فيه مداخلة لكل من سيادة راعي الأبرشية والأمين العام الدكتور نبيل خليفه. ثم قدّم منسّق كلّ لجنة تقريراً عن أعمال لجنته مع تصوّره المستقبلي ثم مناقشة عامة.
في 29 تموز 2014، اجتمعت اللجنة المركزية والأمانة العامة مع المنسّقين ووضعت معهم منهجية العمل لتحضير تقارير اللجان للدورة الثانية التي ستُعقد في 28 و29 تشرين الثاني 2014 في جامعة العائلة المقدسة- البترون.
ويعمل الآن منسّقو اللجان على تحضير تقاريرهم التي ستتضمّن ثلاثة فصول:
1- خلاصة تعليم المجمع البطريركي الماروني في المواضيع المطروحة؛
2- توصيف الواقع في أبرشية البترون؛
3- إقتراح توصيات عملية وقابلة للتطبيق في أبرشية البترون.
وستعمل الأمانة العامة على طبع هذه التقارير في كتيّب خاص يوزع أواخر تشرين الأول 2014 على جميع أعضاء المجمع ليتسنّى لهم قراءته وكتابة ملاحظاتهم ومداخلاتهم التي سيقدمونها خطيّاً في خلال الدورة الثانية، بغية أن تجمعها الأمانة العامة وتوزعها على اللجان لكي تعيد النظر فيها تحضيراً للدورة الثالثة.
وفي موازاة هذا العمل الفكري، تعمل كل لجنة على تنظيم لقاءات ونشاطات وندوات تتعلق بالموضوع الموكل إليها. وبعد الدورة الثانية، سنطلق في الأبرشية السنة الثانية من مسيرة المجمع الأبرشي التي ستكون سنة المبادرات في كل المواضيع.
ونتوخّى من خلالها تعميم مسيرة التجدّد في الرعايا والأديار والمؤسسات في الأبرشية، على مستوى المجالس الرعوية واللجان والأخويات والجمعيات والمنظمات والحركات الرسولية والهيئات الإجتماعية. وسيلتزم كهنة الرعايا والرهبان والراهبات والطلاب الإكليريكيون والعلمانيون ورؤساء المجالس والجمعيات في الأبرشية بالسير معاً والإنخراط في إطار العمل الكنسي والرعوي.
ونرى أنه من الطبيعي أن تواكب المسيرةَ المجمعية الاحتفالاتُ الدينية والصلوات، لا سيما الصلاة الخاصة بالمجمع الأبرشي التي وضعناها لكي تتلى في كل اللقاءات وفي قداس الأحد ليتسنّى للجماعة الرعوية أن تصلّي لنجاح المجمع.
3- المرحلة الثالثة: مرحلة التطبيق.
بعد الانتهاء من المجمع واتخاذ القرارات معاً في شأن التوصيات التي سنطبقها كبرنامج لمسيرة التجدّد في أبرشيتنا، يبقى علينا أن نلتزم بمسيرة التطبيق. وهي مسيرة طويلة تتطلب منا جميعاً جهوداً كبيرة لتنفيذ ما نكون قد قرّرناه.
والالتزام بالتطبيق يُظهر، من جهة، أننا مقتنعون بما بذلناه من جهود أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه لنتجدّد في العمق. ويُظهر، من جهة ثانية، أننا أبناء وبنات الكنيسة وأننا أعضاء جسد المسيح السرّي المتآلفة والمتضامنة من أجل استثمار المواهب المتنوعة والغنيّة في خدمة تحقيق ملكوت الله.
ومسيرتنا هذه، التي تواكب الكنيسة المارونية في مسيرة تطبيق المجمع البطريركي الماروني، تجعلنا نقتنع بأن كنيستنا المحلية، أبرشية البترون، هي جزء من الكنيسة المارونية، وبالتالي جزء من الكنيسة المشرقية ومن الكنيسة الجامعة، ومدعوة إلى تلبية دعوتها المميزة وإلى حمل رسالتها الخاصة. وتحثنا بالتالي على ترسيخ إنتمائنا الكنسي، لأننا جميعنا، رعاة ومؤمنين، نكوّن كنيسة المسيح الواحدة ونعمل معاً على بنيانها وثباتها لتمجيد الثالوث الأقدس فيها.
خاتمة
بما أن المجمع الأبرشي ليس وقفاً على الإكليروس والإختصاصيين، بل هو مسيرة ومسؤولية مشتركة تعني جميع المعمّدين الذين هم معاً شركاء في عيش الأيمان وحمل بشارة الخلاص ورسالة الكنيسة، فإننا مدعوون جميعاً إلى أن نسير معاً، ونصلي معاً، ونفكر معاً ! هذا هو المجمع، وإلى أن نعمل على تعميم ورشة التجدّد في الرعايا والأديار والمؤسسات والمجالس واللجان والجمعيات الكنسية والهيئات الإجتماعية والمدنية.
نحن مدعوون إلى أن نفتح أبوابنا للجميع، ونلتقي بالجميع، وبخاصة البعيدين عن الكنيسة والذين لا ينخرطون في إطار العمل الكنسي والرعوي، وإلى أن نعير اهتماماً خاصاً بالشبيبة وبالعائلات.
وهدفنا من هذه المسيرة أن نتجدّد معاً، وأن تكون كنيستنا المحلية، كنيسة المسيح في البترون، كنيسة « الأبواب المشرّعة» كما يريدها السيد المسيح وكما يطلب قداسة البابا فرنسيس، كنيسة العنصرة، كنيسة خارجة من ذاتها ومن تقوقعها بفعل الروح القدس، ومنطلقة نحو الأقربين والأبعدين حاملةً الإنجيل بفرح، كنيسة الأب الحنون الذي يترك أبوابه مشرّعة لاستقبال الإبن الضال والإبن الأكبر، كنيسةً نكون نحن فيها « خداماً للإنجيل تشعّ حياتنا حماساً ونشهد أننا نلنا نحن أولاً فرح المسيح» (البابا فرنسيس، فرح الإنجيل، عدد 10).
تعالوا نصلّي معاً من أجل أن يكون مجمعنا الأبرشي، كما طلب منا صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الراعي في رسالته الموجهة إلينا في افتتاح المجمع في 26 تشرين الأول 2013: « إصغاءً لما يقول الروح القدس للكنيسة التي هي في أبرشية البترون، من خلال إعادة قراءة نصوص المجمع البطريركي الماروني، والتأمل فيها، والتشاور في تطبيق تعليمها والتوصيات، وفقاً لحاجات الأبرشية بكلّ مكوّناتها. فيكون هذا المجمع حقاً عنصرةً جديدة في حياة الأبرشية العزيزة، ما يجعلها تندرج في إطار الكرازة الجديدة بالإنجيل والشهادة للمسيح في مجتمعنا وثقافتنا اللبنانية المشرقية».