عظة المطران منير خيرالله
في قداس ختام فوروم شبيبة الأبرشية- كفيفان
الأحد 26/10/2014
الرسالة: أفسس 4/1-13 « أن تسيروا سيرة تليق بالدعوة التي دعيتم إليها»
الإنجيل: لوقا 10/1-11 « يسوع يرسل الإثنين والسبعين»
بإسم يسوع المسيح، وباسم كنيسة المسيح في البترون التي أنا خادمها في المحبة، أقول لكم: أنا فخور بكم ! وفخور بالعمل الجبار الذي قمتم به خلال هذين اليومين للمشاركة في مسيرة المجمع الأبرشي الذي يهدف إلى التجدّد. وبعد أن تعارفتم عن قرب وعشتم معاً إنتماءكم إلى الأبرشية، كنيستكم المحلية، أودّ أن أرسلكم إلى إخوتكم الشباب والصبايا لتكونوا حافز التجدّد لهم وللكنيسة التي أنتم مستقبلها.
دعوني أتوقف أولاً في التأمل بكملة الله التي هي غذاؤنا اليومي لأستنتج منها أمثولة لحياتنا ولالتزامنا في الرسالة التي سلّمنا إياها السيد المسيح.
في رسالته إلى أهل أفسس، يقول القديس بولس: « أناشدكم أن تسيروا سيرة تليق بالدعوة التي دعيتم إليها». ومع بولس أنا أقول لكم أنتم شبيبة الأبرشية والملتزمين والمسؤولين في جمعياتكم: سيروا كما يليق بالدعوة التي دعاكم الله إليها.
إلى ماذا دعاكم الله، أنتم بشكل خاص ؟ دعاكم إلى أن تكونوا خميرة هذه الأبرشية التي هي أبرشية القداسة والقديسين وتحمل دعوة مميزة إلى القداسة. هي أبرشية تقدَّسَ فيها بطاركة ومطارنة ونساك ورهبان وراهبات وأباء وأمهات. فأنتم اليوم تحملون مسؤولية تلبية الدعوة إلى القداسة والالتزام بتقديس نفوسكم وتقديس المجتمع الذي تعيشون فيه.
أما في إنجيل لوقا فنسمع يسوع يقول للاثنين والسبعين الذين عيّنهم بعد الرسل الاثني عشر «وأرسلهم اثنين اثنين يتقدمونه إلى كل مدينة أو مكان أوشك أن يذهب إليه: الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون، فاسألوا ربّ الحصاد أن يرسل عملةً إلى حصاده. هاءنذا أرسلكم كالخراف بين الذئاب».
واليوم أنتم كالإثنين والسبعين؛ يسوع يرسلكم إلى العالم الذي تعيشون فيه كالخراف بين الذئاب. إنه عالم الحرب والانتقام والوحشية. يرسلكم كالخراف، رسل تواضع ومحبة وسلام. يرسلكم إلى إخوتكم الشباب والصبايا في أبرشية البترون التي جدّدتم إنتماءكم إليها والتزامكم فيها من خلال المواهب التي وزعها الله عليكم بروحه القدوس. إنها كنيستكم، إنها أنتم، لأنكم أنتم الكنيسة.
يسوع يرسلكم لتؤدوا رسالته بالمحبة والسلام تجاه الشبيبة أمثالكم، المتعطشين إلى اللقاء به وإلى التعرّف إليه عن قرب كما فعلتم أنتم. هذه هي مسؤوليتكم، وهذا هو دوركم، لأن اللقاء بيسوع هو فرح ورجاء بانطلاقة جديدة لبناء مستقبل يليق بكم.
يسوع يرسلكم، فتفضّلوا إلى العمل. الحصاد كثير والفعلة قليلون. والعالم الذي يرسلكم إليه يحتاج إلى تعب كثير وسهر دائم وإلى جهود وتضحيات كبيرة، قبل أن يحين يوم الحصاد. صلّوا إذاً إلى رب الحصاد كي يرسل فعلةً إلى حصاده. وأنتم الفعلة والحصادون، لأنكم مستقبل الكنيسة والوطن.
قد نكون نحمّلكم الكثير في هذه الظروف القاسية. لكنكم قادرون على ذلك بنعمة الرب يسوع. الله أعطاكم وزنات ثمينة ومتعددة، وأنتم قادرون على المتاجرة بها لتربحوا وتجذبوا إليه إخوتكم وأخواتكم الشباب والصبايا. أنتم قادرون على ذلك بإيمانكم الثابت ورجائكم الوطيد. ونحن معكم لسنا خائفين. لأن يسوع معنا إلى منتهى الدهر ولأننا، على مثال آبائنا وأجدادنا، تخطّينا عقدة الخوف منذ مئات السنوات. فالخائف جبان، أما من يتخطّى الخوف فهو حُرّ طليق لا يهاب شيئاً ولا حتى الموت. نحن بالمسيح تحرّرنا وانتصرنا على الموت، فممّا نخاف بعد ؟
لذا أنتم أقوياء، أنتم قوّتنا، أنتم قوّة الكنيسة في البترون ! إنطلقوا بجرأة وشجاعة، ونحن معكم؛ نرافقكم ونتّكل عليكم في بناء مستقبل جديد أنتم تريدونه لكنيستنا ولوطننا. سيروا كما يليق بالدعوة التي دعيتم إليها كي تبقى كنيستنا حاملة رسالة المسيح على أرض المسيح. هذه الأرض هي أرضه؛ هي الأرض التي اختارها الله ليتجسّد فيها ابنه يسوع ويموت فيها على الصليب لخلاص جميع البشر. هي الأرض التي أرادنا أن نعيش عليها مع كل الشعوب والطوائف والديانات. هي الأرض التي أراد أن نعيش فيها مع إخوتنا المسلمين واليهود بالمحبة والتفاهم والإحترام.
أنتم خميرة هذه الأرض، والويل لكم إذا فسدت خميرتكم !
ونحن جميعاً خميرة هذا الشرق؛ وسنبقى كذلك مهما عصفت فيه رياح الشرّ وافترست فيه الذئاب الخاطفة. رجاؤنا بيسوع المسيح هو أقوى من كل التحديات التي ستواجهنا.
بعد اليومين اللذين عشناهما معاً وتذّوقنا طعم نعمة الرب يسوع واكتشفنا عمل الروح في كل واحد منا، أنا مطران أبرشيتكم وخادمكم في المحبة أرسلكم باسم يسوع المسيح، إلى حيث تعيشون، رسلَ محبة وسلام، رسل حرية وكرامة، لتعملوا على تغيير العالم بشفاعة العذراء مريم سيدة لبنان وجميع قديسينا. آمين