عظة المطران منير خيرالله في قداس السنوي لجمعية مار منصور- البترون الأحد 2/10/2016، كاتدارئية مار اسطفان- البترون « إن قال لكم أحد: هوذا المسيح هنا أو هناك! فلا تصدّقوا». (متى 24/23-31) حضرة الخوري بيار (صعب) والخوري فرنسوا (حرب)، حضرة السيدة إيلاّ بيطار رئيسة جمعية مار منصور في لبنان ومسؤولة الجمعية في أفريقيا والشرق الأوسط، حضرة رئيسة وأعضاء جمعية مار منصور في البترون، أحباءنا وأصدقاءنا. نسمع اليوم تعليم يسوع عن الأيام الأخيرة وعن مجيء ابن الإنسان؛ ما يجعلنا نفكر أن الأيام الأخيرة اقتربت وأن العالم سينتهي. إطمئنوا ! لم تقترب الآخرة، والأيام المقبلة لا زالت وافرة. إنها علامات يجب أن نُحسن قراءتها في حياتنا اليومية وأن نعيش حضور الله. قال يسوع لتلاميذه ولشعبه أن الدنيا ستتغيّر: « الشمس تُظلم، والقمر لا يعطي ضوءه، والنجوم تتساقط من السماء، وقوات السماوات تتزعزع. وحينئذ تظهر في السماء علامة ابن الإنسان». هذا تحقق عند موت يسوع ابن الله على الصليب ولدى قيامته من بين الأموات. إنها علامة لنا اليوم كي نقرأ مشيئة الله في حياتنا، التي قلبت مقاييس البشر وغيّرت منطِقَهم؛ وذلك لأن ابن الله مات على الصليب من أجلهم ليفتديهم ويخلّصهم ويُظهر مدى محبة الله الآب المطلقة واللاّمحدودة لدرجة انه بذل ابنه الوحيد يسوع المسيح من أجلهم. هذا هو سرّ إيماننا وجوهر إيماننا نعلنه اليوم بعد ألفي سنة. هناك أمور سلبية كالتي تحدّث عنها يسوع في إنجيل اليوم: « سوف يقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويأتون بآيات عظيمة وخوارق ليُضلّوا المختارين لو قدروا. فلا تصدّقوا!». وبيننا كثيرون يتكلمون ويبشرون باسم المسيح ويأتون بآيات عجيبة. فلا نصدّق. فالمسيح واحد وهو مخلّص البشرية. وإذا عدنا إلى تاريخ البشرية من آدم حتى اليوم، نرى أنه الملك الوحيد الذي مات ليفدي شعبه، بينما ملوك الأرض يضحّون بشعوبهم ليحافظوا على مُلْكهم. هذا ما يفسّر لماذا كل أمبراطوريات العالم والسلطنات زالت! بينما كنيسة المسيح هي الوحيدة الباقية والمستمرة وسوف تستمر إلى منتهى الدهور! لأنها كنيسة المسيح. لا تخافوا إذاً. هذا هو سرّ الله، سرّ المحبة؛ فإذا استطعنا فهمه قرأنا علامات السماء في عالمنا وإرادة الله في حياتنا التي تتطلّب منا الوحدة والتضامن وعمل المحبة مع بعضنا البعض بالانفتاح والاحترام. وإذا نظرنا من حولنا نرى أن الإيجابيات تكمن في أن الله يرسل إلينا نِعَمه وخيراته وعطاياه؛ يبقى علينا أن نستفيد منها لنعيش بحرية وكرامة وأن لا نُستعبَدَ للمال والممتلكات والسلطة. هذا ما ينبّه إليه باسمرار قداسة البابا فرنسيس إذ يشنّ حربًا على أصحاب المال الذين يستعبدون الفقراء وعلى أصحاب السلطة الذين يظلمون الشعوب ويسلبونهم حقوقهم. المسيح ضحّى بنفسه ليحرّر الإنسان من العبودية، عبودية الخطيئة والموت، ويجعل منه إبنًا لله. التواصل بين الشعوب أصبح سهلاً في أيامنا. فيمكننا أن نستفيد من وسائل التواصل والإعلام لكي نقرّب المسافات وننشر الحبّ ونشعر بمحبةٍ ورحمةٍ مع كل إنسان محتاج وكل شعب مظلوم ونسارع إلى نجدته. هذا ما يطلبه منا السيد المسيح، وهذا ما سيديننا عليه يوم نغادر هذه الدنيا. وهذه هي رسالة مار منصور والطوباوي أوزانام في الكنيسة وفي العالم منذ عشرات السنوات في أن يكون المسيحي إلى جانب أخيه الإنسان بعمل المحبة والعطاء المجاني اللذين لا يحتاجان إلى دعاية. الأم تيريزا، التي أُعلنت قداستها في روما منذ حوالى الشهر، تعلّمنا هي أيضًا كيف نقوم بعمل المحبة المجاني في القرن الواحد والعشرين وحاجات الناس تتضاعف وفقراء العالم يزداد عددهم يومًا بعد يوم. فاطمئنوا إذًا. نحن المسيحيين، لم يتخطّانا الزمن. فالأم تيريزا، كما مار منصور والطوباوي أوزانام وغيرهم الكثيرون من قديسينا وأبناء أرضنا، هم شهود لعالمنا ومجتمعاتنا وعلينا أن نتشبّه بهم في طريقنا إلى الخلاص والملكوت. وكنيستنا وعائلاتنا لا تزال قادرة على أن تعطي قديسين في زَمَن المِحَن والحروب. لا تخافوا إذًا. نحن أقوى من هذه الظروف الاستثنائية بحضور المسيح معنا اليوم وكل يوم إلى الأبد. آمين.