رسالة المطران خيرالله إلى إخوته الكهنة في أحد الكهنة، 24/1/2021

 

سجل المراسلات

 

العدد: 5/2021

 

التاريخ: 24/1/2021

 

 

رسالة المطران منير خيرالله

 

إلى إخوته الكهنة في أحد الكهنة، 24/1/2021

 

 

إخوتي الكهنة،

 

ندخل اليوم، في أحد الكهنة، أسبوع تذكار إخوتنا الكهنة الذين سبقونا إلى ملكوت الآب السماوي حيث ينعمون بالفرح مع العريس في وليمة عرس الحمل. والعريس هو يسوع المسح، ابن الله، الذي أشار إليه يوحنا المعمدان بوصفه « حمل الله » (يوحنا 1/36). هو الحمل المذبوح منذ بدء الخليقة، وهو الذي يحتفل بالمراسم الكهنوتية في بيعة الأبكار السماوية. إنه الحمل الذي « ذُبح وافتدى لله بدمه أناسًا من كل قبيلة ولسان وشعب وأمّة، وجعل منهم لإلهنا مملكةً وكهنةً سيملكون على الأرض، وهم يرتّلون نشيدًا جديدًا ». (رؤيا 5/9-10).

 

وقد فقدنا في الأسبوعين الأولين من هذه السنة كاهنين من إخوتنا المتقاعدين، الخوري رزق رزق والخوري أنطون ابي سعد وكلاهما من رعية جران. وكان سبقهما الخورأسقف بولس الفغالي والخوري بولس الرقيبي والخوري يوحنا العنداري والأب العام فيليب يزبك المرسل اللبناني في السنة 2020.

 

إننا نذكرهم طوال هذا الأسبوع في قداديسنا وصلواتنا مع الأساقفة والكهنة الذين سبقوهم من أبرشيتنا وقد « أنهوا حياتهم في خدمة الكنيسة وانفصلوا عنها ». ونطلب من الرب يسوع « مؤلّه الكهنة ومقدّسهم»، ونتضرّع إليه أن « ينظمهم في أجواق ملائكته القديسين ويلبسهم مجد كهنوتهم حلّة الأبرار ويرتِّبهم مع أبناء النور في بيعة الأبكار السماوية ». (كتاب القداس، في حساية أحد الكهنة واللحن الذي يليها).

 

ونحن نؤمن أن خدمةَ كهنة البيعة لا تنتهي عند مماتهم، بل « تستمرّ وتنتقل معهم بانتقالهم إلى البيعة السماوية حيث عرس الحمل الذي لا ينتهي » (كتاب الفرض، في باعوت صباح أحد الكهنة)، « وتستمرّ شفاعتهم مع شفاعة الابن الجالس عن يمين الجلالة ». (كتاب الفرض، لحن صفرو من صباح أحد الكهنة).

 

وهناك يشاركون أصحاب الحمل وأتباعه « بأناشيد الظفر والتسبيح والفرح والابتهاج في وليمة عرس الحمل » (رؤيا 19/5-9)، « ويصيحون بأعلى أصواتهم: الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللحمل، ولإلهنا التسبيح والمجد والحكمة والشكر والاكرام والقدرة والقوة أبد الدهور » (رؤيا 7/9-12).

 

ونحن معهم من هنا نرفع التسبيح والمجد والشكران إلى إلهنا وربّنا يسوع المسيح الكاهن الأوحد والأبدي الذي اختارنا ودعانا وأشركنا بكهنوته الخِدَمي، هو الذي « لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدم ويبذل نفسه فداءً عن الكثيرين » (متى 20/28)، وأقامنا خدّامًا لشعبه، وأعطانا، بالروح القدس وبواسطة الكنيسة والأسقف خليفة الرسل، سلطان الكهنوت لنمارس علنًا وباسمه رسالته الخلاصية ونخدم شعبه في التعليم والتقديس والتدبير.

 

نحن واعون أن الرب يسوع، يوم نلتقيه على باب الملكوت، سيحاسبنا على وديعة الكهنوت التي سلَّمَنا إياها وتقضي بخدمة كلمة الله وبشاره الملكوت، وبتقديس شعب الله بالأسرار الإلهية، وبالسهر عليه في كل الظروف. إنه سيديننا على أعمال المحبة التي يجب أن تُترجم حنانًا وتقربًا ومساعدة فعلية، ويسأل كل واحد منا: هل كنتَ راعيًا صالحًا مثلي ساهرًا على الخراف، متفانيًا في خدمتها، مفتشًا عن الضائعة منها؟

 

هل كنتَ راعيًا صالحًا لي أنا الذي كنت حاضرًا في كل واحد من المحتاجين إلى قرب ومحبة ؟ أم أنك كنت لا مباليًا وعبرت الطريق دون أن تنظر إليّ وتهتمّ بي ؟

 

هل كنت سامريًا صالحًا مسرعًا إلى الخدمة، خدمة كل محتاج ؟ ونحن نعرف أن كل محتاج هو يسوع المسيح بالذات: الفقير والعطشان، والمريض، والسجين، المنبوذ، والمهجّر، والمظلوم. (البابا فرنسيس، كلنا إخوة، عدد 77).

 

ونحن نعرف أننا ضعفاء وخطأة مثل أخوتنا البشر، ولكن نعمة الكهنوت التي منحها لنا السيد المسيح بالروح القدس هي تقوينا في سلوك درب القداسة. لذا فإن ارتباطنا الوطيد بشخص السيد المسيح هو شرط ضروري للوفاء للوكالة التي تسلمناها، وهذا يتطلب منا « أن نعمّق حياتنا الروحية بعيش الأفخارستيا وحضور المسيح فينا، وبالمثابرة على قراءة الكتاب المقدس والصلاة الفردية والجماعية في الرعية، والتأمل والاسترشاد ومتابعة رياضات وخلوات روحية ». (المجمع البطريركي الماروني، النص 7، عدد 22 و23).

 

يا ربّنا ومعلّمنا الأوحد يسوع المسيح، إننا واثقون أنك حاضر معنا وأنك ترافقنا في بؤسنا ويأسنا كتلميذي عماوس، وفي سقوطنا وتوبتنا كبطرس، وفي إهمالنا لشعبك وارتدادنا إلى المحبة المعطاء كبولس، في تجوالنا وتبشيرنا بالملكوت وبالخلاص في كل مكان على الأرض كالرسل والتلاميذ.

 

إننا نجدد إيماننا وثقتنا بك، نحن واثقون أنك تثبّت خطانا في طريق القداسة.

 

ويا مريم، أم يسوع المسيح وأمنا نحن الكهنة، إننا نسلّمك خدمتنا الكهنوتية. رافقينا كما رافقت يسوع والرسل، واطلبي لنا أن نقبل بحمل الصليب مع ابنك فنستحق معه القيامة إلى حياة جديدة والمشاركة في وليمة عرس الحمل مع جميع الذين سبقونا إليها.

 

 

كفرحي في 24/1/2021، أحد الكهنة

 

المطران منير خيرالله

 

راعي أبرشية البترون وخادمكم في المحبة